نَسْخ مفهوم المهندس عدنان الرفاعي الباطل للناسخ والمنسوخ من خلال آيات الله البيِّنات

 

نَسْخ مفهوم المهندس عدنان الرفاعي الباطل للناسخ والمنسوخ من خلال آيات الله البيِّنات

 

لقد قال المهندس عدنان في الدقيقة (١٣ و٤٠ ثانية) في حلقته عن الناسخ والمنسوخ أنَّ الرسول الأمين تلقَّى الأمر بالصلاة ولم يتلقَّ أين الاتّجاه، فبقي حوالي ١٧ شهرًا يتجهون نحو بيت المقدس لكن هذا الاتّجاه ليس بأمرٍ من الله، يقول النصّ وما جعلنا القبلة التي كنت عليها... جُعِلَت للرسالات السابقة.

لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم، وكأنَّ المهندس عدنان يقول أنَّ الله يُبدِّل كلماته، وبمعنى آخر في الرسالات السابقة أمر تعالى أن يكون الاتّجاه إلى بيت المقدس، ولكن عند نزول القرءان بدَّل الله الإتّجاه إلى المسجد الحرام التراثي، ألم يعلم المهندس أنَّ رسالات الله جلَّ في علاه واحدة لجميع الأمم؟ بغضّ النظر عن المعنى الباطل التراثي للصلاة والكعبة والمسجد الحرام الذي جاء به.

لذلك أخفق المهندس عدنان الرفاعي في تفسير الناسخ والمنسوخ، ولم يتطّرق إلى ربط الآيات ببعضها وتفصيلها بالكامل، وتبيان المعنى الحقيقي للناسخ والمنسوخ، ولم يكتفِ بذلك بل أعطى مفهومًا كارثيًّا لآية (٣٩) من سورة الرعد: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" لذلك واجبي أمام الله جلَّ في علاه وأمام الناس أن أُبينّ حقيقة ومعنى الناسخ والمنسوخ من خلال ترابط آيات الذكر الحكيم (القرءان الحكيم).

* سورة سبأ
قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿٤٧﴾.

إخوتي وأخواتي الكِرام رابط الفيديو تجدونه في الأسفل.

السلام على من آمن أنَّ رسالات الله واحدة لجميع الأمم، وأنَّ الله لا يُبدِّل كلماته.

 

(١): تفسير النَسْخ في القرءان الكريم من خلال أحسن التفسير (القرءان الكريم).

* سورة البقرة
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿١٠٥﴾ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٠٦﴾.

"مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ...":
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أن يُنزلّ عليكم القرءان لأنَّ فيه التوراة والإنجيل والرسالات السابقة، ولذلك أكمل تعالى بقوله: "وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ"، لأنَّ رحمة الله تعالى وفضله العظيم هو تنزيل القرءان وفيه جميع رسالاته وكتبه لكي يُدخل من يشآء في رحمته (الجنة).

"مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أو نُنسِها...": ما نلغي أو نمحو من آية أو نجعلها تُنسى لأنَّ معناها قد حُرِّف = ما نلغي ونمحو من آية أي من كتاب كالتوراة أو الإنجيل لأنها قد حُرِّفت عبر الزمن أو نتركها تُنسى بسبب تحريف الشيطان لمعناها.

"... نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا...": نأتِ بآية أخرى بواسطة رسولٌ آخر خير من تلك الآية الباطلة الّتي حُرِّفت، أو نُعيدُ تنزيلها من جديد مع رسول آخر إذا كانت قد انتَسَت لأن معناها قد حُرِّف ولم يُعمل بها.

لذلك أكمل تعالى آية (١٠٦) والآية الّتي تليها آية (١٠٧) بقوله فيها: "... أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" لأنَّ الله عزّ وجلّ قادِر على كل شيء، إذًا فهو تعالى قادر على أن يُعيد تنزيل الآية كالتوراة والإنجيل مرة أخرى لأنها حُرَّفِت، فيضعها ويحفظها ويُصدِّق بها في القرءان، فتُصبح هي القرءان باللغة العربية.

 

(٢): سأُبيِّن مفهوم النسخ في القرءان الكريم من خلال مقارنة آيات سورة البقرة بآيات من سورة الرعد والنحل والحج، وسأبدأ بسورة الرعد.

إذا قارنا آية (١٠٥) و(١٠٦) من سورة البقرة بآيات سورة الرعد وضربناهم ببعضهم، نجد تشابهًا كبيرًا بينهم.

* سورة البقرة
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿١٠٥﴾ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٠٦﴾.

* سورة الرعد
وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴿٣٧﴾ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴿٣٨﴾ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴿٣٩﴾.

"يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ..." = "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا...".
"... وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" = "... نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

 

(٣): إذا قارنا آية (١٠٥) و(١٠٦) من سورة البقرة بآية (١٩١) و(١٠٢) سورة النحل وضربناهم ببعضهم، نجد تشابهًا كبيرًا بينهم.

* سورة البقرة
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿١٠٥﴾ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٠٦﴾.

* سورة النحل
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿٩٨﴾ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٩٩﴾ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴿١٠٠﴾ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٠١﴾ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ﴿١٠٢﴾.

"وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ..." = وَإِذَا بَدَّلْنَا كتاب مكان كتاب وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ = "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

إذا تدبّرنا جميع تلك الآيات البيّنات من سورة النحل، نجد فيها السبب الّذي من أجلِهِ أنزل الله عزّ وجلّ كتاب القرءان وبدَّل الكُتُب السابقة بِهِ، وهذا السبب هو أنَّ جميع تلك الكتب السابقة قد افترى الشيطان الرجيم -ومن تولَّوْنَهُ وأشركوا بِهِ- الكذب عليها وحرَّفوها.

 

(٤): إذا قارنا آية (١٠٥) و(١٠٦) من سورة البقرة بآيات سورة الحج وضربناهم ببعضهم، نجد تشابهًا كبيرًا بينهم.

* سورة البقرة
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿١٠٥﴾ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٠٦﴾.

* سورة الحج
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٢﴾ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴿٥٣﴾ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٥٤﴾.

"... أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ..." = "أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي إيمان ودين الرسول" = "أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي كتاب الله الّذي أنزله على الرسول" = حرَّف الشيطان في كتاب الله ودينه وشريعته وافترى الكذب عليه = صنع الشيطان دينًا آخر وشرائع وسنن وقوانين أخرى غير دين الله.

"... فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" = "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

"... ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ..." = ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ جميع كُتُبِهِ ورسالآته الّتي أنزلها على جميع أنبيآئه ورُسُلِهِ، ولذلك بدأ تعالى بآية (٥٢) بقوله فيها: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ" إذًا فالشيطان ألقى في أمنية كل نبي أو رسول أرسله الله عزّ وجلّ بكتاب، بدءًا من أول الخلق إلى آخره.

إذا تدبّرنا جميع تلك الآيات البيّنات في سورة الحج، نجد وبوضوح تام السبب الّذي من أجلِهِ نسخ الله عزّ وجلّ الكُتُب السابقة، وذلك لأنَّ الشيطان تلاعب وكذّب بها عبر الزمن فألقى الكذب والخداع فيها وحرَّفها بمعانيها وبقانونها وشريعتها وصنع أديانًا باطلة مختلفة ومتفرقة وظلم بها.

والسلام على من اتَّبع الهدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

409 Jul 15 2018