هل يستطيع الإنسان أن يرى الله تعالى وهل يتجسد الخالق بالمخلوق؟

 

هل يستطيع الإنسان أن يرى الله تعالى وهل يتجسد الخالق بالمخلوق؟

 

هل تجسَّدّ الله تعالى في المسيح عليه السلام كما يزعم الدين المسيحي الباطل؟
وهل تجسَّدّ تعالى أيضًا بالحاكم بأمر الله كما يزعم الدين الدرزي الكاذب؟
وهل رأى محمد عليه السلام الله عزَّ وجلّ في قصة المعراج الكاذبة ودنا ربّ العِزَّة منه بزعم الدين السنّي والشيعي الخبيث؟

تفسير آية (١٤٣) من سورة الأعراف من خلال الآية نفسها.

* سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِىٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَ‌ قَالَ لَن تَرَٮٰنِى وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَڪَانَهُ فَسَوۡفَ تَرَٮٰنِى‌ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُ دَڪًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۟ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (١٤٣).

 

(١): السلام على من قَدَرَ الله حقَّ قَدْره.

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعًا قَبۡضَتُهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَاتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦ‌ سُبۡحَـٰنَهُ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ (٦٧).

* سُوۡرَةُ الشّوریٰ
فَاطِرُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَاجًا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ أَزۡوَاجًا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِ‌ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَىۡءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١١).

* سُوۡرَةُ الشّوریٰ
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآىِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُ‌ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَڪِيمٌ (٥١).

 

(٢): إخوتي وأخواتي الكِرام، إذا تابعنا هذه الآية الكريمة وتمعنّا في مضمونها، نجد فيها عندما طلب موسى من الله تعالى أن يُرِيَهُ نفسه (الذات الإلآهية) تفصيلاً كاملاً لعدم استطاعتنا كمخلوقات رؤية الله، والسبب هو قوَّته الهائلة الّتي لا يَحُدُّها أي شيء، ولقد اختار الله عزَّ وجلّ الجبل كمثل لإستحالة رؤيَتِنا له عز وجل، لأنَّ الجبل له قُوَّة وعَظَمَة تفوق قوَّة الإنسان بكثير، وإذا أراد الله عزَّ وجَلّْ أن يُريَ موسى نَفْسهُ فعليه أن يَحُدّْ من قُوَّتِهِ بجميع أشكالها، فلا يكون الله إلاهًا بل يُصبح مخلوقًا ويكون هناك إلآه خالق غيره، فقوَّة الإله خارقة وليس لها أي حدود أو نهاية، أمَا قوَّة المخلوق فمهما بَلَغَت فلها حدود ونهاية، وبِمُجَرَّدْ أن تُصبِح قوَّة الإله محدودة ولو قليلاً، لا يُصْبِح هذا الإلآه إلاهًا، لذلك قال لموسى: "... وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَڪَانَهُ فَسَوۡفَ تَرَٮٰنِى‌..." لأنه بمُجَرَّدّ أن يتجلّى، أي تظهر ذرَّة من قوَّة الله للجبل من دون أن يتأثَّرْ هذا الجبل بتجلّي الله له فلا يكون هناك دليلاً لألوهيَّته ولا يُصبح هناك أي أثَرْ لِقُوَّته، وبالتالي لا يكون الله إلاهًا بل يكون مخلوقًا، وبالتالي يستطيع موسى أن يراه، لذلك قال لموسى: "... فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَڪَانَهُ فَسَوۡفَ تَرَٮٰنِى‌...".

لقد بيَّن لنا القويّ العزيز قوَّته بقوله: "... فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُ دَڪًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا..." وبمجرَّدّ أن يَخرّ موسى صعِقًا فهذا يعني أنَّه لم ولن يستطيع أن يرى الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، لذلك أجاب الله موسى عندما طلب موسى منه أن يجعله ينظر إليه بقوله له: "... لَن تَرَٮٰنِى..." وإنَّ عبارة "... لَن..." هي للإستحالة، وهذا يعني أنَّ موسى لن يرى الله أبدًا لا في الدنيا ولا في الآخرة لأنَّه لن يستطيع ذلك، فالله سُبحانه وتعالى ذو القوَّة الجبّارة لا يُرى.

لقد أراد الله تعالى أن يُعلِم موسى عليه السلام ويُعْلِمُنا أنَّه إذا ظهرت ذرَّة من قوَّته للجبل فسوف يزول هذا الجبل ويتفتَّت لأنَّه هو الخالق ذو القوَّة الجبَّارة، ولذلك كان قوله: "... فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُ دَڪًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا...".

نستطيع أن نستنتج من هذه الآية العظيمة أنَّه إذا أصبح الجبل دكًا بمجرَّد أن تجلَّى الله له فماذا سوف يحصل لعيسى ابن مريم ولأيّ إنسان إذا ما تجلَّى الله له؟

وماذا سوف يحصل لمحمد إذا ما دنا الله منه في قصة المعراج الكاذبة؟

عِلمًا بأنَّ تجلّي الله تعالى للجبل هو في الحقيقة ليس ظهورًا لذات الإلآه لكنه ظهور لجزء صغير جدًا من عظمة قوّتِهِ كدليل لنا على عدم استطاعتنا تصوُّرهُ بهدف التوصُّلّ إلى معرفة الذات الإلآهية.

وإنَّ هذه الآية آية (١٤٣) من سورة الأعراف هي أكبر دليل على استحالة تجسَّدّ الله في المسيح عيسى ابن مريم، فالله تعالى أخبرنا في هذه الآية أنه بمجرَّدّ ظهوره "للجبل" وليس "في الجبل" جعله دكًا، أي بمجرّد دنو ذرَّة من قوَّتِهِ من الجبل جعله دكًا.

فإذًا ماذا سيحدث لجسد المسيح عيسى ابن مريم إذا ما تجسَّد الله فيه؟

إن آية (١٤٣) من سورة الأعراف هي أيضًا أكبر دليل على استحالة تجسّد الله في الحاكم بأمر الله كما يُقال في العقيدة الدرزية الباطلة -هذا إذا كان يوجَد شخص اسمه الحاكم بأمر الله- وهي أكبر دليل أيضًا على استحالة تجسُّدّ الله في الحيوانات أو في الطبيعة أو في الكون أو حتى في أقوى خلقه الملائكة، وهذه الآية كذلك هي أكبر دليل على استحالة دُنُوّ الله من محمد في قصة المعراج الكاذبة ممّا ينفي لنا نفيًا قاطعًا هذه الأكذوبة، وينفي لنا أيضًا استحالة رؤيتنا لربّنا يوم القيامة.

 

(٣): في الختام، ليس بالضرورة أن نرى ربّنا أو نُصوِّره أو نُجسّده كي نؤمن به، نحن نستطيع أن نراه ونؤمن به من خلال خَلقِهِ للسماوات والأرض، ومن خلال خلقِهِ لأنفسنا، ومن خلال تسيير الكون المتكامل بتناسق وتناغم وانتظام. ولذلك قال تعالى لنا في كتابِهِ الكريم:

* سُوۡرَةُ الجَاثیَة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
حمٓ (١) تَنزِيلُ ٱلۡكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأَيَـٰتٍ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ (٣) وَفِى خَلۡقِكُمۡ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَـٰتٌ لِّقَوۡمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّہَارِ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن رِّزۡقٍ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِہَا وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَـٰحِ ءَايَـٰتٌ لِّقَوۡمٍ يَعۡقِلُونَ (٥).

* سُوۡرَةُ فُصّلَت
سَنُرِيهِمۡ ءَايَـٰتِنَا فِى ٱلۡأَفَاقِ وَفِىٓ أَنفُسِہِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ‌ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ شَہِيدٌ (٥٣).

* سُوۡرَةُ الذّاریَات
وَفِى ٱلۡأَرۡضِ ءَايَـٰتٌ لِّلۡمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِىٓ أَنفُسِكُمۡ‌ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ (٢١).

وآيات أُخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.

والسلام على من اتَّبع الهُدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

400 Jun 18 2018