لماذا سيتبرّأ الرسول من قومه في الآخرة؟ 

 

لماذا سيتبرّأ الرسول من قومه في الآخرة؟ 
 آية (٣٠) من سورة الفرقان: "
وقال الرسول يا ربِّ إنَّ قومي اتَّخذوا هذا القرءان مهجورًا"

 

السلام على من لم يهجر القرءان العظيم (الذكر الحكيم) ولم يتَّبع ويُشرك كتبًا غير كتاب الله، ككتب الأحاديث المفتراة ذات  التواصل المعرفي الخبيث، وما شابه.

 

(١): * سورة الفرقان
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴿٢٥﴾ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَٰنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴿٢٦﴾ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿٢٨﴾ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴿٢٩﴾ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْءانَ مَهْجُورًا ﴿٣٠﴾.

آية (٢٥): "... وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا".

إخوتي وأخواتي الأفاضل إذا تدبّرنا آية (٢٥) من سورة الفرقان نجد أنَّ الملائكة ستتنَّزَّلّ يوم الآخرة بالكتب التي هي كتاب واحد بألسنة مُختلفة، أي بلغات مختلفة ذات مضمون ورسالة واحدة أنزلها أو نزَّلها الله تعالى على جميع أنبيائه ورسله، لكي يحكم على كل إنسان من جميع الأمم، أي على كل أمَّة أُقيمت عليها الحُجَّة بكتابها ورسولها، ويُحدّد مصير كل إنسان بناءً على أعماله، لذلك قال الرسول عليه السلام "يا ربِّ إنَّ قومي اتَّخذوا هذا القرءان مهجورًا" عندما رأى أكثر الناس من أمتِّه سيدخلون جهنَّم داخرين.

آية (٣٠): "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْءانَ مَهْجُورًا".

سبحان الله على عظمة كتابه الرائع، آية واحدة بيِّنة تنفي شفاعة الرسول الكريم لأمَّته، كلام الله فوق الجميع شاء من شاء وأبى من أبى.

 

(٢): البرهان المُبين على أنَّ الملائكة ستتنزّلّ بالكتب، وأنَّ الكتاب الذي هو كتاب الله المُنزَّل على جميع الأنبياء والرسل "وليس كتاب الأعمال" سيكون شاهدًا على أعمال جميع الناس من جميع الأمم نجده في السُوَر التالية:

* سورة الزمر
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٦٩﴾ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٧٠﴾ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٧١﴾ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴿٧٢﴾ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴿٧٣﴾.

آية (٦٩): "... وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ...".

* سورة الجاثية
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ﴿٢٧﴾ وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚكُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٨﴾ هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٩﴾.

آية (٢٨): "... كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا...".

* سورة الكهف
وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴿٤٨﴾ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿٤٩﴾.

آية (٤٩): "وَوُضِعَ الْكِتَابُ..... يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا...".

* سورة الحاقة
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴿١٣﴾ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴿١٤﴾ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴿١٥﴾ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴿١٦﴾ وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴿١٧﴾.

آية (١٧): "وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ".

العرش = علم الله = كتب الله، والبرهان نجده في سورة النَمْل والمؤمنون وفي سُوَر أُخرى كثيرة:

* سورة النمل
إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿٢٦﴾.

آية (٢٦): "... رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ" = ربّ الكتاب العظيم = ربّ العِلْم.

* سورة المؤمنون
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴿١١٦﴾ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴿١١٧﴾.

آية (١١٦): "... رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡڪَرِيمِ" = ربّ القرءان الكريم = ربّ العِلْم الكريم.

آيات واضحات بيِّنات أوضح من الشمس في كَبَد السماء.

 

(٣): في الختام، إنَّ قول الرسول الأمين: "يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْءانَ مَهْجُورًا" هو أكبر دليل على نَسْخ ونَسْف وتدمير أحاديث الشفاعة التي افتراها أئمَّة الفسوق والعصيان ومن اتَّبعهم بإجرام إلى يوم الدين.

الدليل على أنَّ الرسول الأمين تبرَّأ من قومه في الدنيا وليس في الآخرة فقط نجده في السُوَر التالية:

* سورة الزمر
قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣٩﴾ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴿٤٠﴾.

* سورة الأنعام
وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴿٦٦﴾ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٦٧﴾.

* سورة الزخرف
وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٨٦﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴿٨٧﴾ وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٨٨﴾ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾.

آية (٨٦): "وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ": أي الشفاعة هي فقط للّذي يشهد بالحق وهو يعلم، أي لِلّذي فقط يشهد بالقرءان وهو على عِلْم، أي على إيمان وتطبيق لجميع آياتِهِ في الدنيا.

آية (٨٨): "وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ".

آيات ساطعات أكثر من نور الشمس، لا يجادل بها إلَّا الذين كفروا.

ملاحظة هامَّة: مرة أُخرى إنَّ مُعظم قوم الرسول سيكون مصيرهم جهنَّم نتيجة إعراضهم عن الذكر (القرءان الكريم) واتّباعهم دعاة الشرك والضلال في كتبهم المُحرَّفة، لذلك كان قول الرسول فيهم في آية (٣٠) من سورة الفرقان أنَّهم هجروا القرءان العظيم.

والسلام على من اتَّبع الهدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

393 Jun 1 2018