تفسير آية (١٠٤) من سورة البقرة من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آية (٣١) من سورة الإسراء من خلال أحسن التفسير
(القرءان العظيم)

 

السلام على أُولي النهى.

* سورة الإسراء
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴿٣١﴾.

إخوتي وأخواتي الأفاضل تعالوا معًا نتدبَّر هذه الآية العظيمة.

(١): آية (٣١): "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ...": القتل في هذه الآية هو القتل المعنوي وليس المادي، أي لا تُعلِّموا أولادكم دين الشرك لتُرْدُوهُمْ ولِتَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ خشية فقدان مصالحكم ومصالحهم الدنيويَّة، أو خشية الفقر المادي أو المعنوي، بمعنى آخر لا تجعلوا أولادكم يتَّبعون الآباء الأوَّلين والأعراف والتقاليد، لأنَّ جميع المذاهب والأديان الأرضيَّة الباطلة مبنيَّة على الأعراف والتقاليد، ولكن تعلمّوا وعلِّموهم تقوى الله، أي اتَّبعوا أنتم وأولادكم فقط كتاب الله سبحانه وتعالى، لذلك أكمل العليم الخبير هذه الآية الكريمة ب: "... نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ...".

ومن جهة أخرى، لا تُعلِّموا أولادكم أن يُشركوا مع الله المال والعِلْم من أجل المركز الإجتماعي، ولكن علِّموهم أنَّ المال والعِلّم الذي وَهَبهم إيَّاه الوهَّاب الكريم هو ملكه ويجب عليهم أن يُسخِّره في سبيل الخير والإحسان ومساعدة الفقراء والمُحتاجين (إقامة الصلاة)، وليس في سبيل كَسْب المناصب والتكبُّر والظلم وكَنْز الأموال والأنانيَّة.

(٢): هذا ما بيَّنه الله تعالى في السُوَر التالية:

* سورة الأنعام
وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿١٣٧﴾.

آية (١٣٧): "وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ..": أي شركاؤهم هم الذين زيَّنوا للمُشركين قتل أولادهم، على سبيل المثال، تمامًا كما زيَّن الإبليس الأكبر بخاري للشيطان الأكبر يوسف القرضاوي وغيره قتل أولادهم (أي لقد أضلّوا أولادهم عن القرءان العظيم).

* سورة الأعراف
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿١٨٩﴾ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿١٩٠﴾ أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴿١٩١﴾ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ﴿١٩٢﴾ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمْ ۚ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ ﴿١٩٣﴾ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٩٤﴾ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ ﴿١٩٥﴾.

آية (١٩٠): "... جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا...": أي بدلاً من أن يُعلِّما ولدهما دين الله الحق، علَّماه دين الشرك (دين آبائهم الأوَّلين - دين السلف الطالح - دين الأحبار والرهبان وأئمَّة الكفر والإشراك، إلخ...) لذلك أكمل تعالى هذه الآية بآية (١٩١) و(١٩٢): "أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ..... وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ".

سُبحانك اللهمَّ ربّي على هذه الآيات الأكثر من رائعة من سورة الأعراف، عَجِزَ لساني عن وَصْفِها، والله والله والله كتاب عظيم يهدي للتي هي أقوم ويُطهرّ النفس البشريَّة من الشرك والتكبرّ والأنانيَّة.

* سورة المائدة
... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٣﴾.

* سورة المائدة
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴿٤٤﴾.

* سورة البقرة
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿١٥٠﴾.

* سورة النساء
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴿١٠٨﴾.

(٣): في الختام سأعطي ثلاث أمثلة تتعلقّ بهذا الموضوع.

المثل الأوَّل: لي صديق يؤمن فقط بالقرءان الكريم، عندما بدأ بتبليغ رسالة الله لوالديه، بذلوا ما في وسعهم لإقناعه بالرجوع إلى دين السنَّة من أجل إرضاء المجتمع (خشية الناس)، حيث قالوا له ماذا سيقول عنك الناس إذا عَلِموا أنَّك تركت الخمس صلوات والصيام ووووو....، انتبه قد تخسر كل شيء.

المثل الثاني: لي صديق آخر تاجر شيعي يذهب هو وولده كل جمعة إلى المسجد أو إلى الحسينيَّة، وعندما بلَّغته رسالة الله وأظهرت له حقيقة الدين الإسلامي، وأنَّه لا يوجد مذاهب في كتاب الله، وأنَّ كل إنسان يؤمن بمذهب مُعيَّن هو مُشرك بنظر الله، استيقن كل آية تلوتها عليه، لكنه بالرغم من ذلك أعرض خوفًا على مصالحه ومصالح ولده في المستقبل، بمعنى آخر خشِيَ أن يُقاطعه الناس ويخسر بالتالي تجارته.

المثل الثالث: لي كذلك صديق آخر بينه وبين إمام مسجد صداقة، وهذا الإمام قد تعلَّم دين الشرك من أبيه، ولقد اعترف له بأنَّ كل ما يُعلِّمه لأولاده وللناس كَذِب، أي أنَّ كل تعاليم أئمَّة المساجد لأولادهم وللناس مُلفقَّة وكاذبة، وأنَّه لا يُمكنه أن يفعل شيئًا أو يُغيِّر أقواله خوفًا من أن يخسر منصبه (خشية إملاق).

والسلام على من اتَّبع الهُدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

 

390 May 20 2018