مِعْراج الرسول الأمين بروحه بزعم المهندس الباحث والمُفكِّر عدنان الرفاعي

 

مِعْراج الرسول الأمين بروحه بزعم المهندس الباحث والمُفكِّر عدنان الرفاعي

 

تحريف المهندس عدنان الرفاعي لآية (٩) من سورة النجم وآيات أُخرى: "فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ" وسبب تحريفه لهذه الآية هو لكي يُثبت رحلة المعراج الباطلة من خلال فلسفته السفسطائيَّة.

أتعجبّ من الباحث والمُفكرّ المهندس عدنان الرفاعي أنَّه لم يعلم الفرق بين معنى كلمة الروح والنفس بعد هذه السنين الطويلة من دراسته لكتاب الله، ولكني سأشرح الفرق بين معنى الروح والنفس من خلال كتاب الله العظيم في مقالة أخرى.

لقد قال المهندس أنَّ نفس محمد الشريفة التحمت مع جبريل عندما كان قاب قوسين وأدنى، بمعنى عندما امتلأت نفسه الشريفة روحًا، سما إلى أعلى درجة وهبط جبريل إليه فالتصقا ببعض فكان قاب قوسين أو أدنى، أي سما وارتفع إلى مستوى جبريل، كأنَّه يقول أنَّه أخذ صفة الملائكة، يُذكِّرني قوله بأفلام هوليوود.

لقد نسيَ المهندس قول الله تعالى في آية (٥٠) من سورة الأنعام على أنَّ الرسول لا يستطيع أن يتحولّ إلى مَلَكْ، لذلك سأُذكِّره بها:

* سورة الأنعام
قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠).

سبحانه وتعالى عمَّا يقول إفكًا مُبينًا.

أرجوا منكم إخوتي وأخواتي الأفاضل أن تشاهدوا هذا الفيديو، وأن تُركِّزوا جيدًا على ما قاله الباحث والمُفكِّر عدنان الرفاعي.

السلام على من آمن بكتاب الله العظيم وكَفَر بأضغاث الأحلام.

تعالوا معًا إخوتي وأخواتي الأفاضل نتدبر آيات سورة الإسراء وسورة النجم، ونرى كيف نسخ الله تعالى قول المهندس عدنان الرفاعي الباطل.

(١): لقد ذكر لنا القرءان الكريم الإسراء في سورة الإسراء. وهناك بعض الآيات في سورة الإسراء والنجم تُبيِّن لنا المعنى الحقيقي للإسراء وتنفي نفيًا قاطعًا المعراج بالنفس والجسد.

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١) وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلۡنَـٰهُ هُدًى لِّبَنِىٓ إِسۡرَاءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَڪِيلاً (٢).

* سُوۡرَةُ النّجْم
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (٥) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ (٦) وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (٨) فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ (٩) فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ (١٠) مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (١١) أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (١٢) وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦) مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).

آية (١) من سورة الإسراء:

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً۬ مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

نجد في هذه الآية الكريمة أنَّ الله تعالى قد "أسرى" بِمحمد لَيْلاً.

إذا قرأنا سورة النجم من آية (١) إلى آية (٤)، نجد رابطًا قويًا بين إسراء الرسول محمد عليه السلام في الّيل في سورة الإسراء وبين النجم الّذي هوى.

* سُوۡرَةُ النّجْم
وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ يُوحَىٰ (٤).

نرى في هذه الآيات البينات أنَّ "النجم الّذي هَوى" هو "الوحي الّذي يوحى". ما هو هذا "الوحي الّذي يوحى"؟

هو بالتأكيد القرءان الكريم وليس السنة الباطلة، فالنجم هو كناية عن جبريل لأن جبريل هو روح الله، أي هو كتاب الله، أي هو القرءان، إذًا فالنجم هو وحي القرءان.

أمَّا آية (٩): "فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ": تعني أنَّ جبريل عليه السلام كان يقرب من الرسول الأمين ليوحي إليه القرءان الكريم، وليس ليلتصق به ويعرج بروحه كما زعم الباحث المهندس عدنان الرفاعي.

(٢): كيف أسرى الله تعالى بعبدِهِ محمد ليلاً، ولماذا؟

إذا عدنا لآية (١) من سورة الإسراء:

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

نجد فيها قول الله تعالى: "... من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا...":

"... من المسجد الحرام...": تعني من الأرضِ، أي من الحياة الدنيا، أي من بدء خلق السماوات والأرض وما بينهما، أي من بداية خلق الإنسان (آدم).

"... إلى المسجد الأقصا...": تعني إلى الآخرة، أي إلى إعادة خلق السماوات والأرض وما بينهما، أي إلى إعادة خلق الإنسان (آدم) وبعثِهِ.

(٣): إذا عدنا إلى سورة النجم وتدبرنا آياتها من آية (١٣) إلى (١٦):

* سُوۡرَةُ النّجْم
وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (١٣) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦).

نجد رابطًا قويًا بين "المسجد الأقصا" في سورة الإسراء وبين "سدرة المنتهى" في سورة النجم. إن "المسجد الأقصا" الّذي ذكره الله تعالى في آية (١) من سورة الإسراء هو سدرة المنتهى الّتي عندها جنة المأوى.

كلمة أقصا في اللغة العربية تعني أبعد. وكلمة الأقصا تعني الأبعد أو الغاية البعيدة. وأقصا الشيء تعني أبعده أو نهايته. لذلك، فإن "المسجد الأقصا" هو "سدرة المنتهى" الّتي هي النهاية أو الآخرة، لأن كل شيء ينتهي إلى الخالق عزَّ وجلّ، وتوجد عند سدرة المنتهى جنة المأوى، أي الجنة الّتي تأوي الأنفس المطمئنة، أي المؤمنين والصالحين.

والدليل على أن سدرة المنتهى هي الآخرة نجده في سورة النجم، آية (٤٢):

* سُوۡرَةُ النّجْم
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَہَىٰ (٤٢).

أما آية (١٧) و(١٨) في سورة النجم: "مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ، لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ" فهي تدلُّنا على أن ما يغشى سدرة المنتهى هو العذاب، أي جهنم.

والدليل على ذلك نجده أيضًا في الآيات التالية:

* سُوۡرَةُ النّجْم
وَأَنَّهُ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ (٥٠) وَثَمُودَاْ فَمَآ أَبۡقَىٰ (٥١) وَقَوۡمَ نُوحٍ مِّن قَبۡلُ‌ إِنَّہُمۡ كَانُواْ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ (٥٢) وَٱلۡمُؤۡتَفِكَةَ أَهۡوَىٰ (٥٣) فَغَشَّٮٰهَا مَا غَشَّىٰ (٥٤).

* سُوۡرَةُ الدّخان
فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (١٠) يَغۡشَى ٱلنَّاسَ‌ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١).

(٤): إذا تابعنا آية (١) في سورة الإسراء:

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

"الّذي باركنا حوله لنريه من آياتنا": هذه الآية تدلنا على أنَّ الله عز وجل بارك حول رسوله الأمين محمد عليه السلام بالملائكة وروحه جبريل لكي يوحي إليه القرءان العظيم في الّيل عند الطور، أي عند الجبل كما أخبرنا تعالى في آية (٤٦) من سورة القصص. وتمامًا كما بارك حول موسى بالملائكة وجبريل عندما أوحى إلى موسى آيات التوراة في الّيل بالغربي أي عند الجبل لكي يرسله إلى فرعون كما أخبرنا تعالى في آية (٧) و(٨) من سورة النمل:

* سُوۡرَةُ القَصَص
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذۡ نَادَيۡنَا وَلَـٰكِن رَّحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمًا مَّآ أَتَٮٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَڪَّرُونَ (٤٦).

* سُوۡرَةُ النَّمل
إِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهۡلِهِۦۤ إِنِّىٓ ءَانَسۡتُ نَارًا سَـَٔاتِيكُم مِّنۡہَا بِخَبَرٍ أَوۡ ءَاتِيكُم بِشِہَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِىَ أَنۢ بُورِكَ مَن فِى ٱلنَّارِ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٨).

(٥): إذا قارنا آية (١٧) و(١٨) في سورة النجم بآية (١) في سورة الإسراء نجد رابطًا قويًا بين "لنريه من آياتنا" في سورة الإسراء وبين "لقد رأى من آيات ربه الكبرى".

* سُوۡرَةُ النّجْم
مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (١٧) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ (١٨).

* سُوۡرَةُ الإسرَاء
سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ لِنُرِيَهُ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١).

ما هي آيات الله الكبرى؟
بالتأكيد هي آيات الآخرة وهي آيات الجنة وآيات جهنم. الدليل على ذلك نجده في سورة النازعات وهو دليلٌ واضح على أن الله عز وجل أرى أيضًا رسوله الأمين موسى عليه السلام إحدى آياته الكبرى الّتي هي آية العذاب أي جهنم، وذلك عندما "ناداه بالواد المقدّس طُوىً"، أي عندما ناداهُ "طُوىً" أي من دون إرادتِهِ، لكي يبارك حوله بجبريل والملائكة عندما أوحى إليه آياته عند الغربي (عند الجبل) لكي يرسله إلى فرعون.

* سُوۡرَةُ النَّازعَات
هَلۡ أَتَٮٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ (١٥) إِذۡ نَادَٮٰهُ رَبُّهُ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (١٧) فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ (١٨) وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ (١٩) فَأَرَٮٰهُ ٱلۡأَيَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ (٢١) ثُمَّ أَدۡبَرَ يَسۡعَىٰ (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (٢٣) فَقَالَ أَنَا۟ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ (٢٤) فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأَخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ (٢٥) إِنَّ فِى ذَالِكَ لَعِبۡرَةً لِّمَن يَخۡشَىٰٓ (٢٦) ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُ‌ۚ بَنَٮٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّٮٰهَا (٢٨) وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَٮٰهَا (٢٩) وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَالِكَ دَحَٮٰهَآ (٣٠) أَخۡرَجَ مِنۡہَا مَآءَهَا وَمَرۡعَٮٰهَا (٣١) وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَٮٰهَا (٣٢) مَتَـٰعًا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ (٣٣) فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ (٣٤) يَوۡمَ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ (٣٥) وَبُرِّزَتِ ٱلۡجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ (٣٦) فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (٣٧) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (٣٨) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِىَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (٣٩) وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ (٤٠) فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِىَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (٤١) يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَٮٰهَا (٤٢) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكۡرَٮٰهَآ (٤٣) إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَہَٮٰهَآ (٤٤) إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخۡشَٮٰهَا (٤٥) كَأَنَّہُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَہَا لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا عَشِيَّةً أَوۡ ضُحَٮٰهَا (٤٦).

إذا تابعنا تلك الآيات البينات في سورة النازعات، نجد فيها عبرة لجنة المأوى وعبرة لجنهم المأوى أي الساعة. إنَّ هذه الآيات هي أكبر دليل على أن "الآية الكبرى" هي آية الساعة أو العذاب.

(٦): ما معنى كلمة لِنُرِيَه في آية (١) في سورة الإسراء وكلمة رأى ويرى في آية (١١) و(١٢) و(١٣) و(١٨) في سورة النجم؟

كلمة "رأى" في اللغة العربية تعني نظر بالعين أو بالعقل. وكلمة "رأى" في القرءان الكريم تعني عَلِمَ، أي نظر بالعين أو بالعقل. النظر بالعين هو البصر، والبصر في اللغة العربية وفي لغة القرءان هو العِلْم والعقل. والسمع في اللغة العربية وفي لغة القرءان هو أيضًا العِلْم.

إذًا إنَّ آية "لنريه من آياتنا" في سورة الإسراء تعني لنُعلِمه من آياتنا، أي لِيعطيه الله تعالى عِلْم الآيات. لذلك أكمل تعالى هذه الآية بقوله: "إنه هو السميع البصير"، أي إنَّ الله هو الّذي يعطي السمع والبصر، أي العِلْم.

وما هو عِلْم الله الّذي أعطاه لرسوله الكريم محمد عليه السلام؟ بالتأكيد هو وحي القرءان الكريم.

والدليل على أنَّ كلمة "رأى" في القرءان الكريم تأتي بمعنى عَلِمَ نجده في آية (٣٠) من سورة الأنبياء وفي آيات أُخرى كثيرة:

* سورة الأنبياء
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠).

إذًا فإنَّ آية (١١) في سورة النجم: "مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ" تعني "ما كذب الفؤاد ما عَلِمَ" أي ما كذب الفؤاد عندما رأى النجم، أي عندما تعلم علم القرءان بوحي من الله. وهذه الآيةً لا تعني أن محمدًا رأى الله أو رأى جبريل على هيأته الحقيقية، ولكنه رأى "النجم" الّذي هو "الوحي" الّذي أوحاه الله تعالى إليه بواسطة جبريل، أي تعلَّم علم القرءان بواسطة جبريل، ولذلك قال تعالى في آية (٥) و(٦) و(٧) و(٨) و(٩) و(١٠):

"عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (جبريل) ذُو مِرَّةٍ فَٱسۡتَوَىٰ وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ. فَأَوۡحَىٰٓ (الله بواسطة جبريل) إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ محمد مَآ أَوۡحَىٰ (من القرءان)".

وإنَّ آية (١٢) في سورة النجم: "أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ" تعني "أفتكذبونه على ما عَلِمَ" أي أفتكذبونه على علم القرءان أنه موحى من الله.

أمَّا آية (١٣) في سورة النجم: "وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ" فهي تعني وتدلّ بل تؤكِّد على أنَّ الله تعالى لم يكتفِ وحسب بإعطاء رسوله محمد علم الوجودية وعلم السماوات والأرض وما بينهما (أي علم الحياة الدنيا)، بل أعطاه أيضًا علم الجنة وجهنم (أي علم الآخرة). أي أعطاه علم النجم، أي علم القرءان كاملاً، من علم المسجد الحرام إلى علم المسجد الأقصا، لذلك قال تعالى في الآية (١٣):

"وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ": لكي يُعْلِمنا أنَّ الوحي كان ينزل ولأكثر من مرَّة على رسوله الأمين محمد عليه السلام لكي يتعلمه بأكمله. فالله عزَّ وجلّ لم يوحي لمحمد آيات الوجودية وعلم الحيواة الدنيا فقط، ولكنه أوحى إليه أيضًا الآيات الّتي تتحدّث وتُخْبِرْ عن الآخرة، أي عن الجنة وجهنم، ولذلك أكمل الله تعالى تلك الآية بالآيات الّتي تليها:
"عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (١٥) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (١٦)".

أما آية (١٨) في سورة النجم: "لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ":
فهي تعني "لقد عَلِمَ من آيات ربه الكبرى"، أي لقد صَدّقَ بوحي علم الآخرة، أي صَدّقَ بعلم الجنة وجهنم. وإذا قرأنا الآية السابقة آية (١٧): "مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ" فهي تعطينا الدليل لآية (١٨): "لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ"، لأنَّ وحي القرءان هو العِلْم الّذي جعل الله تعالى رسوله الأمين محمد يُبصر بواسطته، تمامًا كما قال الله تعالى في آية (١) من سورة الإسراء: "إنه هو السميع البصير".

وإنَّ هذه الآية آية (١٧) من سورة النجم: "مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ" هي أكبر دليل على أنَّ الرسول محمد عليه السلام آمن بوحي علم الآخرة تمامًا كما أوحاه الله عزَّ وجلّ إليه ومن دون أن يزيد أو ينقص على هواه أي شيء أو أمر من هذا العِلْم.

(٧): في الختام، إنَّ الخلاف بين جهلاء الّدين ما يزال قائِمًا عن كيفية إسراء محمد "مِن المسجد الحرام" "إلى المسجد الأقصا"، ثمَّ العُروج بِهِ "من المسجد الأقصا" "إلى سدرة المنتهى"، على الرغم من أنَّ الله تعالى قال في سورة الإسراء "مِن" "إلى"، ولم يَقُل "مِن" "إلى" ثُمَّ عُرِج بِهِ "إلى"، وللتذكير فإن "مِنْ" هِيَ نقطة بداية وإنطلاق و"إلى" هِيَ نقطة وُصول وإنتهاء.

والسلام على من اتَّبع الهُدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

https://www.youtube.com/watch?v=zJ2YUtvd-uM

368 Mar 16 2018