معنى السحر العظيم وعصا موسى باختصار في آية (١١٦) و(١١٧) من سورة الأعراف

 

تفسير معنى السحر العظيم وعصا موسى باختصار في آية (١١٦) و(١١٧) من سورة الأعراف من خلال أحسن التفسير
"
... وَجَآءُو بِسِحۡرٍ عَظِيمٍ..... وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَ‌...".

 

السلام على من ألقى عصاه (الكتاب العظيم) ولَقَفَ بها السحر (الأحاديث والمذاهب والأديان الأرضيَّة الباطلة، والنظريات العلميَّة الزائفة).

إخوتي وأخواتي الأفاضل أرجوا منكم أن تتابعوا الآيات بتدبُّر وتمعنّ.

(١): * سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِہَا‌ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ (١٠٣) ..... قَالُواْ يَـٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلۡقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحۡنُ ٱلۡمُلۡقِينَ (١١٥) ..... يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَـاحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) ..... قَالَ أَلۡقُواْ‌ فَلَمَّآ أَلۡقَوۡاْ سَحَرُوٓاْ أَعۡيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَآءُو بِسِحۡرٍ عَظِيمٍ (١١٦) وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَ‌ فَإِذَا هِىَ تَلۡقَفُ مَا يَأۡفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (١١٨).

آية (١١٢): "يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَـاحِرٍ عَلِيمٍ":
أي علماء الدين الباطل وغيرهم من العُلماء، إلخ...

آية (١١٦): "قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ":
أي ألقوا بكتب باطلة فيها روايات وأحاديث وعلوم باطلة أضلّوا بها الناس، أي جاءوا بكتب مُفبركة بالأكاذيب والأقاويل.

آية (١١٧): "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ":
أي ألق آياتك الدامغة تمحق ما يفترون من الكذب، وتظهر الحق وتزهق الباطل أمام أعين الناس، بمعنى أصحّ عصا موسى ليست ثعبانًا حقيقيًا، بل هي وحي آيات الله ومن ضمنها آيات جهنم العذاب.

السحر هو ليس السحر المتعارف عليه، بل هو كلام السحرة المعسول وما يأفكون في كتب أحاديثهم، وشريعتهم، ودينهم الباطل، وعلومهم الزائفة الّذي كانوا يصنعونه ويتَّبعونه بأمر من فرعون ويسحرون به أعين الناس ويسترهبونهم ويخوِّفونهم بِهِ ليُضِلونهم عن سبيل الله. السحرة هم كناية عن رجال وعلمآء دين مثلاً مفتين أو أئمة أو أحبار أو رهبان أو قسيسين أو علماء، إلخ...

(٢): البُرهان المُبين على أنَّ السِحْر (أي زخرف القول والنفَّثات في العُقَد) هو الأحاديث الكاذبة، والعلوم الباطلة نجده في السُوَر التالية:

* سورة البقرة
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢).

آية (١٠٢): "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ...":
أي اتَّبعوا ما يتلوا جهلاء الدين الباطل من روايات وأحاديث وعلوم عن سليمان بالكذب ونسبوها إلى سليمان عليه السلام، تمامًا كما فَعَلَ السلف الطالح وأئمَّة الفسوق والعصيان بمُلك محمد.

آية (١٠٢): "... ملك سليمان...":
أي كتاب سليمان.

آية (١٠٢): "... يُعلّمون الناس السحر...":
أي يُعلّمون الناس الأديان الأرضية والمذاهب والأحاديث الباطلة والعلوم الزائفة.

* سُوۡرَةُ الاٴنعَام
وَكَذَالِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَـٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِى بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورًا‌ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ‌ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأَخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُوا مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ (١١٣) أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ إِلَيۡڪُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّ‌ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقًا وَعَدۡلاً لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيم (١١٥).

آية (١١٢): "يُوحِى بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورًا":
زخرف القول، أي الكلام الجميل المليء بالسحر والزخرفة، أي الأديان والمذاهب الأرضية الباطلة.

* سورةُ الفَلَق
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ (١) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِى ٱلۡعُقَدِ (٤) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥).

آية (٤): "وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِى ٱلۡعُقَدِ":
نفث الشيء من فَمِهِ أي رمى بِهِ.
نفث القلمُ أي كَتَب.
نفث فُلانًا أي سَحَرَهُ أي أخذ عَقْلَهُ.
كلمة عَقَدَ تعني سَحَرَ، وكلمة العُقَدْ تعني السِّحْرْ بالجمع.

أي على محمد عليه السلام أن يلجأ للقرءان الكريم "من شرّ النفاثات في العقد" أي أن يلجأ للقرءان من شرّ ما يرمون بِه من أفواهِهِم من سحر الكلام، أو من شَرِّ ما يكتبون بأقلامهم من أقاويل كاذبة، أو من شرِّ ما يُسحِرون بِهِ الناس من أقاويل وأحاديث يُرمونها بأفواههم ويكتبونها في كُتُبِهِم الباطلة.

أي على محمد عليه السلام أن يلجأ إلى القرءان لكي لا ينخدع بزُخرُف القول، أي لكي لا يتأثّر عقله بالكلام الجميل المُزخرف، أي بالأديان والمذاهب الأرضية الباطلة والعلوم الزائفة.

(٣): آية (١٠٢): "... ملك سليمان...":
أي كتاب سليمان.

والدليل على أنّ الملك هو الكتاب نجده في سورة النساء والبقرة وآلِ عِمران:

* سُوۡرَةُ النِّسَاء
أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ ٱلۡڪِتَـٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلاً (٥١) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَہُمُ ٱللَّهُ‌ وَمَن يَلۡعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢) أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذًا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا (٥٣) أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَٮٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ‌ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَاهِيمَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَـٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمًا (٥٤) فَمِنۡہُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡہُم مَّن صَدَّ عَنۡهُ‌ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (٥٥).

آية (٥٤): "... وَءَاتَيۡنَـٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمًا".

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَڪُمۡ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوٓاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ عَلَيۡنَا وَنَحۡنُ أَحَقُّ بِٱلۡمُلۡكِ مِنۡهُ وَلَمۡ يُؤۡتَ سَعَةً مِّنَ ٱلۡمَالِ‌ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَٮٰهُ عَلَيۡڪُمۡ وَزَادَهُ بَسۡطَةً فِى ٱلۡعِلۡمِ وَٱلۡجِسۡمِ‌ وَٱللَّهُ يُؤۡتِى مُلۡڪَهُ مَن يَشَآءُ‌ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ءَايَةَ مُلۡڪِهِ أَن يَأۡتِيَڪُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَڪِينَةٌ مِّن رَّبِّڪُمۡ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَـٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ‌ إِنَّ فِى ذَالِكَ لَأَيَةً لَّڪُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (٢٤٨).

آية (٢٤٧): "... وَٱللَّهُ يُؤۡتِى مُلۡڪَهُ مَن يَشَآءُ‌...".
آية (٢٤٨): "وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ءَايَةَ مُلۡڪِهِ...".

* سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرًا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡڪَـٰفِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَءَاتَٮٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِڪۡمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ‌ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٍ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰڪِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٢٥١).

آية (٢٥١): "... وَءَاتَٮٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِڪۡمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ‌...".

* سُوۡرَةُ آل عِمرَان
قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِى ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ‌ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُ‌ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ قَدِيرٌ (٢٦).

والسلام على من اتَّبع الهُدى، والعذاب على من كذَّب وتولَّى.

سآتي إلى تفصيل قصة موسى مع سحرة فرعون من خلال آيات الله البيِّنات في المُستقبل إن شاء الله.

 

339 Feb 23 2018