التركيب الضوئي (Photosynthesis) في آية (٦) من سورة الرحمن

 

التركيب الضوئي (Photosynthesis) في آية (٦) من سورة الرحمن 
 

تفسير آية (٦) من سورة الرحمن: "وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ" من خلال أحسن التفسير (القرءان العظيم)

لا إله إلَّا هو الخلَّاق العَليم، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

* سورة الرحمن
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴿٥﴾ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴿٦﴾.

السلام على من سجد لكتاب الله العظيم

* سورة الرحمن
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴿٥﴾ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴿٦﴾.

إخوتي وأخواتي الكِرام إذا تدبَّرنا أية (٦) من سورة الرحمن نجد أنَّ سجود النَجم (أي الزرع) والشجر يكون بالتركيب الضوئي (Photosynthesis).

إنَّ عمليَّة التركيب الضوئي هي إحدى العمليّات التي تحدث في الأجزاء الخضراء من الشجر والزرع، وهي عبارة عن تفاعلات تؤدّي إلى قيام خلايا الورقة النباتيَّة بتحويل الطاقة الضوئيَّة من الشمس إلى طاقة كامنة يُخَزِّنها النبات في الروابط الكيميائية.

والدليل على أنَّ آية (٦) هي عمليَّة التركيب الضوئي هو ذِكره وقوله تعالى عن الشمس والقمر في الآية السابقة، آية (٥):
آية (٥): "الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ":
الشمس: وهي مرحلة النور (المرحلة الضوئيَّة):

باختصار: يتحررّ الأوكسجين الناتج من انشطار الماء وينطلق خارج النبات عن طريق الثغور الموجودة على الورق الأخضر، وهذا يُفَسرّ تواجد الأوكسجين خلال ساعات النهار بكمّيات كبيرة في الغابات والحدائق، حيث تكون الأشجار كثيفة.

القمر: وهو مرحلة الظلام (المرحلة غير الضوئيَّة):
باختصار: تُسَمّى هذه المرحلة بالتفاعلات اللاضوئيَّة أو تفاعلات تثبيت الكربون وهذه التفاعلات تبدأ بإدماج غاز ثاني أكسيد الكربون الممتصّ من الجوّ مع جُزَيْئات عضويَّة موجودة في البلاستيدات الخضراء وتُسَمّى هذه الخطوة (تثبيت الكربون).

آية (٦): "وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ": أي يسجدان كما أَمَرَهُما الله، وسجودهما يَكون من خلال التركيب الضوئي والعَمَلْ على إعطاء البروتينات والسكرِّيات والزيتيّات والأوكسيجين والأملاح، إلخ...

"وَالنَّجْمُ...": أي الزرع خِلاف الشجر، النبات على غير ساق.

لا إله إلَّا أنت الخلَّاق العَليم، سبحانك اللهمَّ ربّي على عظمة كتابك وخَلْقك وعِلْمِكَ.
سآتي إلى تفصيل عمليَّة التركيب الضوئي في الجزء الأخير من المقالة.

(٢): نجد أيضًا عظمة الله في خَلْقة للتركيب الضوئي في أية (٨٠) من سورة يس:

* سورة يس
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ﴿٧٧﴾ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿٧٨﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿٧٩﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴿٨٠﴾.

آية (٨٠): "الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ...": أي الذي جعل لكم من ورق الشجر الأخضر.

آية (٨٠): "... نَارًا...": أي الطاقة الضوئيَّة من الشمس التي تتحولّ إلى طاقة كامنة يُخزِّنها النبات في الروابط الكيميائيَّة، أي الطاقة الغذائيَّة (Energy).

آية (٨٠): "... أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ": أي من ورق الشجر الأخضر نأخذ الوقود، أي الغذاء لأجسامنا (Nutrition).

النار هي الطاقة (Energy)، والوقود هو الغذاء (Nutrition).

لا إله إلَّا أنت الخلَّاق العَليم، سبحانك اللهمَّ ربّي على عظمة كتابك وخَلْقك وعِلْمِكَ.
 

(٣): * سورة الحج
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴿١٨﴾.

إذا تدبَّرنا آية (١٨) من سورة الحجّ نجد أنَّ السجود هو لكلّ من في السماواتِ والأرضِ من مخلوقات، لقد أعطانا الله تعالى أمثالاً عديدةً نستطيع بواسطتها أن نفهم كيفية سجود جميع المخلوقات، والمبدأ الأساسي للسجود هو أن يفعل كل مخلوق ما يأمره الله وبالسبب الّذي خلقهُ من أجلِهِ.

فمثلاً سجود الشمس والقمر والنجوم هو إطاعتهم لله بتسييره الكوني لهم، وسجود الجبال هو بتثبيت الأرض كي لا تَميد بنا، وسجود الشجر هو من خلال التركيب الضوئي، والعَمَلْ على إعطاء البروتينات والسكرِّيات والزيتيَّات والأوكسيجين والأملاح، إلخ... وسجود الدَّوابّ هو بإطاعة الله بما خلقهم من أجلِهِ، وسجود الإنسان هو بإطاعة الله بما يأمره به في كتابه العظيم، أي بالإيمان بالله والعمل الصالح.

* سورة النحل
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴿٤٩﴾ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴿٥٠﴾.

نجد أيضًا في آية (٤٩) و(٥٠) من سورة النَحْل أنَّ سجود الملآئكة يكون بإطاعتهم الله وبِفِعْل ما يأمرهم به، ولقد أعطانا الله تعالى مثالاً لذلك في سورة "الصَّافَّاتّ والزّاجرات والنّازعات وغيرها".

ومثال آخر عن سجود الماء وهو إحياء الأرض، إلخ...

(٤): عمليَّة التركيب أو البناءالضوئي (Photosynthesis).

إنَّ عمليَّة التركيب الضوئي هي إحدى العمليَّات التي تحدث في الأجزاء الخضراء من النبات وهي عبارة عن تفاعلات تؤدّي إلى قيام خلايا الورقة النباتيَّة بتحويل الطاقة الضوئيَّة من الشمس إلى طاقة كامنة يُخَزِّنُها النبات في الروابط الكيميائيَّة، ويتمّ ذلك باستخدام موادّ أوَّليَّة بسيطة هي الماء وثاني أوكسيد الكربون.

إنَّ عمليَّة البناء الضوئي عمليَّه مُعَقَّدة، حيث تشمل على مجموعة تفاعلات كيميائيَّة عديدة تحدث بصورة متتالية وتبعًا لحاجة بعض التفاعلات للضوء، وقُسِمَت هذه العملية إلى مرحلتين، وَلِفِهْم خطوات كل مرحلة أستعين بالشكل التالي الذي يُبَيِّن مُلَخَّصًا لها.

وهاتانِ المرحلتانِ هما:

***** المرحلة الأولى وهي المرحلة الضوئيَّة: (Light Stage).

أين تحدث هذه العمليَّة؟ وما الغرض منها؟
خطوات عمليَّة المرحلة الضوئية:

(١): يمتصّ الكلوروفيل الضوء من أشعة الشمس.

(٢): يقوم هذا الضوء بشطر جُزَيْئّات الماء.

(٤): تنتقل الإلكترونات والهيدروجين إلى مُرَكَّب يُسَمّى (فوسفات نيكوتين أمايد أدنين ثتائيّ النيوكليوتيد) ويُرْمَز له بالحروف (+NADP).

(٤): يكتسب هذا المُرَكَّب الإلكترونات المشحونة بالطاقة ويُخَزِّنُها.

(٥): يتحررّ الأوكسجين الناتج من انشطار الماء وينطلق خارج النبات عن طريق الثغور الموجودة على الورق الأخضر، وهذا يُفَسّر تواجد الأوكسجين خلال ساعات النهار بكمِّيات كبيرة في الغابات والحدائق، حيث تكون الأشجار كثيفة.

(٦): بعد ذلك يختزل مُرَكَّب (+NADP) إلى (NADPH).

(٧): كذلك يَتَكَوَّن أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) بإضافة مجموعة فوسفات (p) إلى مُرَكّب أدينوسين ثنائي الفوسفات (ADP) الموجود أصلاً في الخلايا.

يمكن تلخيص الخطوات أعلاه بأنَّ التفاعلات المعتمدة على الضوء تعمل على تحويل الطاقة الضوئيَّة أو الشمسيَّة إلى طاقة كيميائيَّة بهيئة مُرَكّبين هما (NADPH) و(ATP) يستعملها النبات لاحقًا.

لاحظوا أنَّه أثناء هذه التفاعلات لا تنتج أي مادة كربوهيدراتيَّة.

 

***** المرحلة الثانية وهي المرحلة غير الضوئيَّة: (Dark Stage).

وتُسَمَّى أيضًا التفاعلات اللاضوئيَّة أو تفاعلات تثبيت الكربون (Carbon fixation reactions)، وتُعْرَف هذه التفاعلات أيضًا بإسم دورة كالفن (Calvin Cycle) نسبة إلى العالم ميلفين كالفن (Melvin Calvin) الذي تمكَّنَ مع زملائه من توضيح خطوات هذه التفاعلات، وكان ذلك أواخر عام (١٩٤٠م) وتحدث هذه التفاعلات على النحو الآتي:

(١): تبدأ التفاعلات بإدماج غاز ثاني أوكسيد الكربون الممتصّ من الجوّ مع جُزَيْئات عضويَّة موجودة في البلاستيدات الخضراء وتُسَمّى هذه الخطوة (تثبيت الكربون).

(٢): يختزل الكربون الذي تمَّ تثبيته إلى مُرَكَّبات كربوهيدراتيَّة، وذلك بإضافة بعض الإلكترونات.

من المؤكدّ أنَّ هذه العمليات تحتاج إلى طاقة لإتمامها والتي تحصل عليها الخليَّة من (NADPH) و(ATP) اللذين تمَّ تكوينهما أثناء الخطوتين (٦) و(٧) من التفاعلات المعتمدة على الضوء.

نواتج عمليَّة التركيب الضوئي ومصيرها:
نواتج عمليَّة التركيب الضوئي في النباتات هو مُرَكّب كربوني وَسَطي ومنه تُشَكِّلّ السكريَّات التي تستخدمه النبات فى عمليَّة الأيض والنموّ ومختلف العمليات الحيويَّة وبعض السكريَّات التي تستعمل كمصدر للطاقة، والبعض الآخر من السكريَّات تُشَكِّلّ مُرَكَّبات من البروتينات والدهون، كما يتَّضح أنَّ الموادّ السابقة (سكريَّات، دهون، وبروتينات) تُشَكِّلّ الأساس الذي يعتمد عليه البشر والحيوان في حياته عندما يحصل على الغذاء من النبات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وممَّا يجب ذِكْرَهُ أنَّ النبات يستهلك بعض ما يُنْتِجُهُ من غذاء ولكن أكثر الغذاء الذي يَنْتُج من عمليَّة التركيب الضوئي يُخَزَّن في البذور والدرنات والثمار.

في الختام أدعوا الله تعالى أن يزيدنا عِلْمًا من عِلْمِهِ.

السلام على من اتَّبع الهُدى.

303 Jan 20 2018