مدلول حرف (و) في بعض من آيات القرءان الحكيم

 

مدلول حرف (و) في بعض من آيات القرءان الحكيم

 

* سورة النور
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٤١﴾.

"... كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ...":

إذا كانت الصلاة هي التسبيح فلماذا تلك الواو؟

السلام على من صلَّى وسبَّحَ بالقرءان العظيم

(١): إخوتي وأخواتي الكِرام، الواو هي ليست واو العطف كما يقول عُلماء الأُمَّة الإسلاميَّة وكما علّمونا، ولكنَّها واو الجمع (الرّبْط) للتفصيل والبيان، وهذا هو الأسلوب القرءاني الإلآهي الراقي العظيم الّذي ليس له مثيل، وهذا الأسلوب تجدونه في كثير من آيات القرءان الكريم.

* سورة النور
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٤١﴾.

لقد وَضَعَ الله تعالى هذه الواو بين الصلواة والتسبيح لكي يُعلمنا ويُفصِّل ويُبيِّن لنا أنَّ الصلواة هي التسبيح، ولذلك ربط تعالى لنا الصلواة بالتسبيح من خلال هذه الواو لكي يُعطينا معنىً مُفصّلاً، وبالتالي معنىً شموليًّا يُبيِّن لنا من خلاله معنيّيّْ الصلواة والتسبيح في آنٍ معًا.

إذا تدبَّرنا جيدًا آية (١٣٠) من سورة طه، وربطناها مع آية (٧٨) و(٧٩) من سورة الإسراء نجد الدليل القاطع على أنَّ التسبيح هو الصلاة:

* سورة طه
فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ ﴿١٣٠﴾.

* سورة الإسراء
أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْءانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿٧٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴿٧٩﴾.

(٢): مثال آخر لواو الجمع: رَبْط آية (٧٧) و(٧٨) من سورة الحج:

* سورة الحج
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٧٧﴾ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَآتُوا الزَّكَواةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿٧٨﴾.

إنَّ وجود الواو هو لتفصيل ولبيان معنى الركوع والسجود والعبادة وفعل الخير والجهاد في الله حقَّ جهاده وإقامة الدين والإسلام وإقامة الصلواة وإيتاء الزكواة والإعتصام بالله.

الركوع = السجود = العبادة = فعل الخير = الجهاد في الله حقّ جهاده = إقامة الدين = المُسلم الحقّ = نكون شهداء على الناس = إقامة الصلواة = إيتآء الزكواة = الإعتصام بالله.

الواو تعني كالتالي:
نحن حين نركع لله نكون نسجد له، وحين نركع ونسجد له نكون نعبده، وحين نركع ونسجد ونعبده نكون نفعل الخير، وحين نفعل الخير، أي نسجد ونركع ونعبد الله نكون نقيم الدين، وحين نقيم الدين، أي نفعل الخير، أي نركع ونسجد ونعبد الله نكون من المسلمين، وحين نكون من المسلمين نكون نقيم الصلواة، وحين نقيم الصلواة نكون نؤتي الزكواة، أي نكون نعبد الله ونفعل الخير ونُطهرّ أنفسنا ونسجد ونركع لله ونقيم الدين كما أمرنا الله تعالى.

ونحن لا نكون نركع لله بحقّ، أي نتواضع أمام آياته العظيمة إذا لم نسجد له، ولا نكون نسجد لله بحقّ، أي لا نتكبَّر على ما أمرنا به في كل آية من آياته إذا لم نعبده، ولا نكون نعبد الله بحقّ، أي نطيعه ونتَّبع ما أمرنا به في القرءان إذا لم نفعل الخير، ولا نكون نفعل الخير بحقّ ومن دون رِئاء إذا لم نقيم الدين كما أمرنا الله، ولا نكون نقيم الدين بحقّ إذا لم نُقيم الصلواة، أي نُقيم القرءان، أي نُطبِّقّ ما أمرنا الله تعالى في كل آية من آياته، ولا نكون نقيم الصلواة بحقّ إذا لم نؤتي الزكواة، أي إذا لم نؤتي الطهارة لأنفسنا وللناس بتطبيق القرءان عمليًّا على أرض الواقع، ولا نكون نؤتي الزكواة بحقّ إذا لم نفعل الخير بحقّ، وإذا لم نسجد ونركع ونعبد الله بحقّ، وإذا لم نُقيم الصلواة بحقّ وبالتالي الدين، وإذا لم نعتصم بالله بحقّ، أي نتَّبع القرءان الكريم.

(٣): نجد البرهان المُبين على أنَّ السجود والركوع هو الإيمان بالله وفِعْل الخَيْر وعدم الكُفْر والتكذيب بحديثه تعالى في السُوَرْ التالية:

* سورة الإنشقاق
فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٠﴾ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْءانُ لَا يَسْجُدُونَ ﴿٢١﴾ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ﴿٢٢﴾ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ﴿٢٣﴾ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٢٤﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴿٢٥﴾.

أرجوا منكم إخواني الكرام أن تربطوا الآيات ببعضها وستجدوا في آية (٢١) و(٢٢) من سورة الإنشقاق أنّ السجود عكس الكفر، وهذا أكبر دليل على أنّ السجود هو الخضوع لآيات الله، أي الإيمان والعَمَلْ بها، إلخ...

* سورة المرسلات
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٥﴾ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ ﴿٤٦﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٧﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴿٤٨﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٩﴾ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٠﴾.

أرجوا منكم إخواني الكرام أن تربطوا الآيات ببعضها وستجدوا في آية (٤٨) و(٤٩) من سورة المُرسلات أنّ الركوع عكس التكذيب، أي عكٌس الكفر، وأنَّ الركوع هو الإيمان بحديث الله جلَّ في علاه (القرءان الكريم) وهذا أكبر دليل على أنّ الركوع هو الخضوع لآيات الله، أي الإيمان والعَمَلْ بها، إلخ...

* سورة آلِ عِمران
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴿١١٣﴾ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿١١٤﴾ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴿١١٥﴾.

آية (١١٣) من سورة آلِ عِمران: "وهم يسجدون" كيف؟

نجد الجواب بالآية التي تليها:
"يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ".

السلام على من رَكَعَ وسَجَدَ وعَبَدَ ربّه وفَعَلَ الخير واعتصَمَ بالله (أي آمن بكتابه تعالى وعَمِلَ به).

 

301 Jan 18 2018