مفهوم "قاصرات الطرْف" و"عُرُبًا أترابًا" و"كواعب أترابًا" في القرءان الكريم

 

مفهوم "قاصرات الطرْف" و"عُرُبًا أترابًا" و"كواعب أترابًا" في القرءان الكريم 

 

السلام على أُولي النهى

(١): لقد قال الله العليم الحكيم في سورة فصلت:

* سورة فصلت
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْءانًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴿٤﴾ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴿٥﴾.

إنَّ أمنية أصحاب التراث العَفِن وأصحاب الشهوات الجنسيَّة هي، أن تكون قاصرات الطَرف، والكواعِب أترابًا الّتي ذُكرت في القرءان، نساء جميلات خارقات هُنَّ أقرب للصنف الملآئكي من الصنف البشري، وأن تكون تلك النساء بانتظارهم في الجنَّة، وإنَّ أمنيَّتهم أيضًا هي، أن تكون الكواعب أترابًا نساء عارمات الثدي.

إنَّ في تلك الأمنيات تحريف لكتاب الله وكفرٌ به، وتزوير لدين الله، وافتراء الكذب على الله وعلى كتابه ورسوله الأمين، وصدٌّ عن سبيل الله، وقبول بالفحشاء والمنكر، وعارٌ على دين الله الحق الإسلام وعلى جنّاتِهِ المطهّرة.

إخوتي وأخواتي الكرام المطهَّرون، تعالوا نتدبَّر معًا المعنى السامي الطاهر العظيم من القرءان الكريم الّذي هو الكتاب المكنون، والّذي "لا يمسَّهُ إلاّ المُطهَّرون".

(٢): سورة الرحمن، من آية (٤٦) إلى (٧٧):

* سورة الرحمن
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴿٤٦﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٤٧﴾ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ﴿٤٨﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٤٩﴾ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴿٥٠﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥١﴾ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ﴿٥٢﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥٣﴾ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴿٥٤﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥٥﴾ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴿٥٦﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥٧﴾ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴿٥٨﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥٩﴾ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴿٦٠﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٦١﴾ وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴿٦٢﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٦٣﴾ مُدْهَامَّتَانِ ﴿٦٤﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٦٥﴾ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴿٦٦﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٦٧﴾ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴿٦٨﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٦٩﴾ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴿٧٠﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٧١﴾ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴿٧٢﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٧٣﴾ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴿٧٤﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٧٥﴾ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴿٧٦﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٧٧﴾ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴿٧٨﴾.

"وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ..... فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ..... فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ..... حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ..... لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ".

إذا ربطنا جميع تلك الآيات في سورة الرحمن ببعضها، نجد أنَّ قاصرات الطَرْف والحور المقصورات في الخيام هي الخيرات الحِسان الّتي أنشأها الله تعالى في الجنّات الّتي وعدها الرحمن للمؤمنين والمؤمنات من الإنس والجانّ، أي الإنسان، أي البَشَر.

تلك الجنّات لم يطمثهُنَّ قبل هؤلآء المؤمنين والمؤمنات إنسٌ ولا جان، هذا يعني أنَّه لم يطمث، أي لم يُدنِّسّ أو يُنجِّسّ أحد من الناس تلك الجنّات قبل أن يدخلها المؤمنون والمؤمنات، فالله تعالى أعدَّ تلك الجنّات فقط للمُتَّقين من الذكور والإناث وليس للكافرين والمشركين والشياطين، فلا أحدٌ من هؤلآء الناس الأشرار من الإنس والجانّ كان قد دخل تلك الجنّات لا قبل ولا بعد، أو أقام فيها، ولذلك ما استطاع هذا الإنسان الشرير من الإنس والجانّ ولن يستطيع أن يُدنِّسّها كما دنّسَ وطغى وتجبَّر وظلم وفسق في جنّات هذه الأرض الّتي نعيش فيها الآن، جنَّة الحيواة الدنيا.

لقد أراد الله تعالى أن يُخبرنا من خلال تلك الآيات البيِّنات أنَّ الجنّات لا تكون طاهرة إلاّ بوجود أزواج، أي أنواع مُطهَّرة من الإنس والجانّ يعيشون فيها، وليس بوجود بشر من الإنس والجانّ تفسق وتسفك الدماء فيها وتطمثها، أي تُدنِّّسها، وكذلك تكون طاهرة بوجود أرض ذات تربة طاهرة يخرج منها جميع أنواع الثمرات والمياه والأنهار الطاهرة وغيرها من الخيرات الحِسان.

إنَّ بيان تلك الآيات، يوصلنا لأمر في غاية الآهمية، وهو أنَّ قول الله تعالى:

"لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ":
ليس له أيّ دعوة بالنساء، ولا علاقة له على الإطلاق بأيّ نوع من النساء والشهوات الجنسيَّة.

(٣): سورة الواقعة، من آية (١٠) إلى (٤٠):

* سورة الواقعة
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴿١٠﴾ أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴿١١﴾ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿١٢﴾ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣﴾ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴿١٤﴾ عَلَىٰ سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ﴿١٥﴾ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴿١٦﴾ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴿١٧﴾ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴿١٨﴾ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴿١٩﴾ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴿٢٠﴾ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴿٢١﴾ وَحُورٌ عِينٌ ﴿٢٢﴾ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴿٢٣﴾ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٤﴾ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ﴿٢٥﴾ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴿٢٦﴾ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴿٢٧﴾ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴿٢٨﴾ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴿٢٩﴾ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴿٣٠﴾ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴿٣١﴾ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ﴿٣٢﴾ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴿٣٣﴾ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴿٣٤﴾ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴿٣٥﴾ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴿٣٦﴾ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴿٣٧﴾ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴿٣٨﴾ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿٣٩﴾ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴿٤٠﴾.

إذًا تدبَّرنا جميع تلك الآيات من سورة الواقعة وربطناها ببعضها، نجد بأنَّ الله تعالى يُخبرنا فيها عن الجنَّة وعمّا أعدَّهُ فيها من خيرات للمُتَّقين (ذكورًا وإناثًا).

آية (٣٥): "إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً":
أنَّ "... أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً": تعود للجنّات وليس للنساء على الإطلاق، كما زعم السلف الطالح وأئمَّة الفسوق والعصيان، إذًا فالجنّات هي الّتي أنشأها الله تعالى إنشاءً، ولقد أنشأها للمُتَّقين، أي للمؤمنين والمؤمنات من ذكور وإناث، وليس من ذكور تمتُّعًا بالنساء، مِمّا يدلُّنا ومن دون أدنى شكّ على أنَّ الحور العين هي جنّات فيها خيرات حسان، لا نساء للشهوات والدعارة.

إنَّ قوله تعالى:
"إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً..... فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا..... عُرُبًا أَتْرَابًا..... لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ":

هو أكبر دليل على أنَّ قاصرات الطَرْف والحور المقصورات في الخِيام، أي الحور العين، أي الخيرات الحِسان في سورة الرحمن، هي رِزْق الجنّات الّتي أنشأها الله تعالى من الأرض إنشاءً، ولقد جعل الله تعالى تلك الجنّات أبكارًا عُرُبًا أترابًا، أي لقد أنشأ الله تعالى جميع تلك الجنّات فطهَّرها بأن جعلها تخرج من أرض ذات أتراب (تربة) بكر (عُرُبًا)، أي جديدة ونظيفة وصافية، أي طاهرة، لكي يأكل منها أصحاب اليمين.

* سورة النبأ
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿٣١﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿٣٢﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿٣٣﴾ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴿٣٤﴾.

آية (٣١): "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا" = إنَّ للمُتَّقين من ذكور وإناث المفلحة، المنجاة.

آية (٣٣): "كَوَاعِبَ أَتْرَابًا" = أرض طاهرة جديدة ونظيفة وصافية كثيرة النِعَمْ.

آية (٣٤): "وَكَأْسًا دِهَاقًا" = وكأسًا طائحة، كثيرة.

آية (٣٧) من سورة الواقعة: "عُرُبًا أَتْرَابًا" = آية (٣٣) من سورة النبأ: "وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا".

"عُرُبًا أَتْرَابًا" = "كَوَاعِبَ أَتْرَابًا" = أرض طاهرة جديدة ونظيفة وصافية كثيرة النِعَمْ.

مرَّةً ثانية، إنَّ قوله تعالى: "إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً".
يدلُّنا على أنّهُ تعالى أنشأ جنّات، لا نساء على الإطلاق، فالله تعالى يتحدثّ في تلك الآيات عن الجنَّة ويصفها لنا، بدليل قوله تعالى:
"وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴿٢٧﴾ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴿٢٨﴾ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴿٢٩﴾ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴿٣٠﴾ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴿٣١﴾ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ﴿٣٢﴾ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴿٣٣﴾ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴿٣٤﴾ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴿٣٥﴾ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴿٣٦﴾ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴿٣٧﴾ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴿٣٨﴾ ".

(٤): في الختام، أدعوا الله عزّ وجلّ أن يزوّجنا بالجنَّة بحورٍ عين (الخيرات الحِسان)، أي أن يُقرِّبنا منها، وأن لا يُزوجنا بجهنَّم، أي أن يُبعدنا عنها.

والسلام على من اتَّبع الهُدى.

298 Jan 15 2018