تفسير آية (٢٩) من سورة الحِجْر من خلال أحسن التفسير

 

تفسير آية (٢٩) من سورة الحِجْر من خلال أحسن التفسير
(القرءان العظيم)

 

أهدي مقالتي هذه إلى جميع إخوتي وأخواتي المؤمنين والمؤمنات بكتاب الله العليّ العظيم، الذين كفروا بنظرية أنَّ أصل البشر كان من مملكة البهائم.

* سُوۡرَةُ الحِجر
وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلٍ مِّنۡ حَمَإٍ مَّسۡنُونٍ (٢٦) وَٱلۡجَآنَّ خَلَقۡنَـٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ (٢٧) وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِنِّى خَـٰلِقُۢ بَشَرًا مِّن صَلۡصَـٰلٍ مِّنۡ حَمَإٍ مَّسۡنُونٍ (٢٨) فَإِذَا سَوَّيۡتُهُ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ (٢٩).

"... خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلٍ مِّنۡ حَمَإٍ مَّسۡنُونٍ" = "... إِنِّى خَـٰلِقُۢ بَشَرًا مِّن صَلۡصَـٰلٍ مِّنۡ حَمَإٍ مَّسۡنُونٍ".
البشر = الإنسان لا فرق بينهما، كلام الله جلَّ في علاه فوق الجميع شاء من شاء وأبى من أبى.

السلام على أولي النُهى.

(١): لقد حَرَّف المُفكرّ محمد شحرور آية (٢٩) عن موضعها وقال أنَّ أصْل البشر كان من مملكة البهائم وكان يمشي على أربعة أرجل، وعندما سوَّاه الله تعالى ونفخ فيه من روحه تطوَّر إلى إنسان وبدأ يمشي على رجلين، سبحانه وتعالى عمَّا يقول علوًّا كبيرًا.

سؤالي لهذا المُفكرّ الكبير وأتباعه من الفلاسفة ما رأيكم بآية (٦) و(٧) من سورة الإنفطار.

* سُوۡرَةُ الإنفِطار
يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡڪَرِيمِ (٦) ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّٮٰكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِىٓ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ (٨).

"يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡإِنسَـٰنُ..... فَسَوَّٮٰكَ...".
بما أنَّكم تقولون أنَّ التسوية فقط للبشر عندما كان بهيمة، فكيف سوّى الله تعالى في آية (٧) الإنسان، هل الإنسان كان بهيمة أيضًا؟

للتذكير مرة ثانية لعلَّ الله يُخرجكم من أسفل سافلين إلى أحسن تقويم.
"يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡإِنسَـٰنُ..... فَسَوَّٮٰكَ...". ----- "يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡإِنسَـٰنُ..... فَسَوَّٮٰكَ...".

* سُوۡرَةُ التِّین
لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِىٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدۡنَـٰهُ أَسۡفَلَ سَـٰفِلِينَ (٥).

(٢): إخوتي وأخواتي الأفاضل تعالوا معًا نرى المعنى الحقيقي باختصار للآية (٢٩) من سورة الحِجْر من خلال نور الله المُبين (القرءان الكريم).

آية (٢٩) من سورة الحِجْر: "فَإِذَا سَوَّيۡتُهُ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِى...".
"فَإِذَا سَوَّيۡتُهُ...": أي خلقته من ذكر وأنثى من صلصال من حمإٍ مسنون، أي من تراب، أي من طين، ثمَّ سوَّيته بشرًا أو إنسانًا في كامل خَلْقه وأعطيته الخيار، أي أعطيته القدرة على أن يفرق بين الخير والشر، وذلك بإعطائه السمع والأبصار والأفئِدة.

"... وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِى...": أي أوحيت له الكتاب، أي أوحيت له العِلْم والإيمان لكي يختار طريق الخير ويعمل الصالحات، ويبتعد عن طريق الشرّ والظلم والفساد، تمامًا كما نَفَخ في فَرْجِ الصدّيقة مريم من روحه، أي أوحى لعيسى عليه السلام عِلْمه، أي أعطاه الإنجيل الكريم وهو في رَحْمِها، والبرهان المُبين نجده في السُوَر التالية.

* سُوۡرَةُ الاٴنبیَاء
وَٱلَّتِىٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَـٰهَا وَٱبۡنَهَآ ءَايَةً لِّلۡعَـٰلَمِينَ (٩١).

آية (٩١): "... فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا..." أي أعطى تعالى كتاب الإنجيل لعيسى عليه السلام وهو في رحمها لأنَّه كان كلمة الله وروح منه وتكلَّم بالرسالة وهو في المهد.

* سُوۡرَةُ التّحْریم
وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَانَ ٱلَّتِىٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَـٰتِ رَبِّہَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَـٰنِتِينَ (١٢).

مرة ثانية آية (١٢) من سورة التحريم للتذكير: "... فَنَفَخْنَا فِيهَ مِنْ رُوحِنَا..." أي أعطى تعالى كتاب الإنجيل لعيسى عليه السلام وهو في رحمها لأنَّه كان كلمة الله وروح منه وتكلَّم بالرسالة وهو في المهد، نجد أيضًا البرهان المُبين في سورة النساء ومريم.

* سُوۡرَةُ النِّسَاء
يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡڪِتَـٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِى دِينِڪُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ‌ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَڪَلِمَتُهُ أَلۡقَٮٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٌ مِّنۡهُ‌ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ‌ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَـٰثَةٌ‌ ٱنتَهُواْ خَيۡرًا لَّڪُمۡ‌ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبۡحَـٰنَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَڪِيلاً (١٧١).

"... وَڪَلِمَتُهُ أَلۡقَٮٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٌ مِّنۡه..." أي أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام الإنجيل الكريم وهو في رَحْم أُمِّه.

* سُوۡرَةُ مَریَم
فَأَتَتۡ بِهِۦ قَوۡمَهَا تَحۡمِلُهُ قَالُواْ يَـٰمَرۡيَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَيۡـًٔا فَرِيًّا (٢٧) يَـٰٓأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءٍ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِ‌ قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلۡمَهۡدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّى عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَٮٰنِىَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا (٣٠).

سبحانك اللهمَّ ربّي على عظمة ترتيل آياتك العظيمة في كتابك العظيم الذي ليس له مثيل في العالَم، آيات ساطعات مثل نور الشمس.

(٣): البرهان المُبين على أنَّ الروح = الوحي = الكتاب = العِلْم، نجده في سورة الإسراء والشورى.

* سورة الإسرَاء
وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ‌ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلاً (٨٥) وَلَٮِٕن شِئۡنَا لَنَذۡهَبَنَّ بِٱلَّذِىٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِۦ عَلَيۡنَا وَڪِيلاً (٨٦) إِلَّا رَحۡمَةً مِّن رَّبِّكَ‌ إِنَّ فَضۡلَهُ كَانَ عَلَيۡكَ ڪَبِيرًا (٨٧) قُل لَّٮِٕنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُہُمۡ لِبَعۡضٍ ظَهِيرًا (٨٨) وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا ڪُفُورًا (٨٩).

إذا تابعنا الآيات بتدبُّر نجد بأنّ الروح = علم الله جلّ في علاه في آية (٨٥) = الوحي في آية (٨٦) = القرءان في آية (٨٨) و(٨٩).
آية (٨٥): "... وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً" أي ليس عندكم من العِلْم شيئًا (أكثر الناس).

* سُوۡرَةُ الشّوریٰ
وَكَذَالِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحًا مِّنۡ أَمۡرِنَا‌ مَا كُنتَ تَدۡرِى مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورًا نَّہۡدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَا‌ وَإِنَّكَ لَتَہۡدِىٓ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِى لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ (٥٣).

آية (٥٢): "... أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحًا مِّنۡ أَمۡرِنَا‌ مَا كُنتَ تَدۡرِى مَا ٱلۡكِتَـٰبُ..." نجد البرهان المُبين من خلال سياق الآية على أنَّ الروح = الكتاب.
آية (٥٢) واضحة وساطعة مثل نور الشمس.

(٤): سبحان الله على عظمة كتابه، آية واحدة في القرءان العظيم كافية لتدمير ونَسْخ نظرية داروين ومحمد شحرور.

* سُوۡرَةُ فَاطِر
أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَاتٍ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَانُہَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٌ وَحُمۡرٌ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَانُہَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَانُهُ كَذَالِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨).

آية (٢٨): "وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَانُهُ...".
إلى الذين يؤمنون بنظرية التطورّ ولا يريدون أن يتوبوا إلى الله توبةً نصوحًا، أقول لكم إنَّ اختلاف الألوان هو أكبر دليل على أنَّ نظريتكم باطلة ولا تساوي فِلْسًا واحدًا.

وآيات أخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.

في الختام، القرءان العظيم كتاب الخَلْق والعِلْم وسيبقى حسرة في قلوب الملحدين المُكذِّبين الكافرين الذين لم يَقدروا الله حقَّ قدْرِه.

* سُوۡرَةُ الحَاقَّة
وَإِنَّا لَنَعۡلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسۡرَةٌ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ (٥٢).

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعًا قَبۡضَتُهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَاتُ مَطۡوِيَّـٰتُۢ بِيَمِينِهِۦ‌ سُبۡحَـٰنَهُ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ (٦٧).

* سُوۡرَةُ الزُّمَر
وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ڪَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا‌ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَابُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُہَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٌ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَـٰذَا‌ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِينَ (٧١) قِيلَ ٱدۡخُلُوٓاْ أَبۡوَابَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا‌ فَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَڪَبِّرِينَ (٧٢).

والسلام على أولي النهى من الذين قدروا الله حقَّ قدره.

 

291 Jan 8 2018