- 6038 reads
تفسير آية (٤) من سورة المجادلة من خلال أحسن التفسير
السلام على أولي النهى
* سُوۡرَةُ المجَادلة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِى تُجَـٰدِلُكَ فِى زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِىٓ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ (١) ٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآٮِٕهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَـٰتِهِمۡ إِنۡ أُمَّهَـٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّـٰٓـِٔى وَلَدۡنَهُمۡ وَإِنَّہُمۡ لَيَقُولُونَ مُنڪَرًا مِّنَ ٱلۡقَوۡلِ وَزُورًا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) وَٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِن نِّسَآٮِٕہِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَالِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَہۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينًا ذَالِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلۡكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤).
سورة المجادلة أُنزِلَتْ عندما ذهبت إمرأة مؤمنة إلى الرسول لكي تُجادِلُهُ (تُشاوِرُهُ) في زوجها وتشتكي إلى الله، لقد ذهبت لتستشير الرسول محمد عليه السلام فيما تستطيع فعله في مُظاهرة زوجها منها، أي في وقوفه ضِدَّها ومُعاداتها في الدّين ومعاداتها في إيمانها بالله وبالرَّسول، وبقولِهِ للمنكر من القول والزّور، أي ذهبت تشتكي إلى الله للرسول محمد من كُفر زوجها وخُروجه عن دّين الله ومُعاداتها فيه، فأخبرها الله تعالى في سورة المجادلة بأنَّه إذا أراد زوجها أن يتوب إلى الله ويُكفِّر عن ذنبِهِ ويَحِلُّ له امرأته بعد أن حرَّمها عليه، فعليه أن يُطبِّق ما أمره الله عزَّ وجلّ بِهِ في آية (٣) و(٤): "وَٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِن نِّسَآٮِٕہِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَالِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَہۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينًا ذَالِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلۡكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)".
في تلك الآيتان (آية (٣) و(٤)، نجد بأنَّ تحرير الرَّقبة يكون من قبل أن يَتماسَّا، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ويكون أيضًا من قبل أن يتماسّا، فمن لم يستطع فإطعام سِتِّين مسكينًا، وهُنا لَم يَقُلِ اللهُ تعالى "من قبلِ أن يَتَماسّا".
في آية (٤) نجد أنَّ هناك صيام شهرين متتابعين، وإطعامُ ستين مسكينًا. وإذا تعمّقنا جيدًا في تلك الآيتين، نجد أيضًا قول الله تعالى: "متتابعين" و"من قبل أن يتماسّا"، إنَّ صيام شهرين متتابعين هو نفسه إطعام ستين مسكينًا، فمن لم يستطع مادِّيًا أن يصوم شهرين متتابعين أي أن يطعِمَ سِتين مسكينًا كل يوم بتتابع خلال شهرَين، فعليهِ بصيام شهرين ولكن غير مُتَتابعين، أي عليه إطعام سِتين مسكينًا في أيامٍ مختلفة خلال سنة أو سنتين أو أكثر حسب وضعه المادِّي، لذلك لم يقل الله تعالى "مِنْ قَبْلِ أن يتماسّا". وهذا أكبر دليل على أنَّ الصيام هو فدية طعام مسكين.
إذًا فإنَّ إطعام سِتّينَ مِسكينًا هو في الحقيقة صِيام شهرين مُتتابعين، الفارق الوحيد بينهما هو أنَّ الّذي لا يستطيع صِيام شهرين كل يوم بتتابع (أي الّذي لا يستطيع إطعام ستين مِسكينًا في كل يوم بتتابع) كما قال تعالى: "فَصِيَامُ شَہۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ"، فعليه أن يُطعِم السِّتين مِسكينًا في أوقات أخرى مُتفرِّقة وليست مُتتابعة كما قال تعالى: "فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينًا".
أدعوا الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول (القرءان العظيم) فيتَّبعون أحسنه.
236 May 18 2017