نبوَّة مريم عليها السلام في القرءان الكريم

 

نبوَّة مريم عليها السلام في القرءان الكريم

 

هل كانت مريم ابنت عمران تتمتَّع بمرتبة النبوَّة كبقية أنبياء الله على الأرض؟

أهدي مقالتي هذه إلى جميع النساء المُسلمات والمؤمنات فقط بكتاب الله جلَّ في علاه.
السلام على من اتَّبع فقط أحسن التفسير (كتاب الله جلَّ في علاه) ونبذ كتب تفاسير الأبالسة والشياطين وعلى رأسهم الإبليس الكبير بخاري.

(١): لقد أجمع أبالسة وشياطين الأمَّة الإسلامية الذين ورثوا الكتاب وأخذوا عرض هذا الأدنى لكي يُحرِّفوه من بعد ما عقلوه عن سبق إصرار وترصدّ، وهم أصلاً درسوا ما فيه، على أنَّ مريم عليها السلام ليست نبيَّة، وكل هذا بسبب حقدهم وكرههم للمرأة، وأيضًا بسبب غيرتهم الكبيرة ألا وهي:
لماذا لم يصطفي الله تعالى خديجة أو عائشة إلخ... ولماذا لم يجعلهما أنبياء؟

لعنهم الله بكفرهم لا يؤمنون إلَّا قليلاً.

* سورة الأعراف
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ۖ مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿١٦٨﴾ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٦٩﴾.

* سورة آل عمران
مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿١٧٩﴾.

* سورة الأنعام
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿١٢٣﴾ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٤﴾.

* سورة الحج
مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٧٤﴾ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٧٥﴾.

(٢): إخوتي وأخواتي الكِرام إذا قرأنا بعض الآيات القرءانية المتعلِّقة بهذا الشأن الخاص بمريم نجد الحقائق في النصاب الصحيح دون حاجة للجدال الطويل.

سوف أبدأ بسورة آل عمران.

* سورة آل عمران
إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٥﴾ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿٣٦﴾ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٧﴾.

من خلال هذه الآيات البيِّنات نجد البرهان المُبين الذي يؤكدّ نبوَّة مريم عليها السلام٫لم يأتِ الأنبياء عادةً إلَّا من الذكور، وفي مريم كان الاستثناء، إذ تقبَّلها خالقها قبولاً حسنًا وأنبتها نباتًا حسنًا كبقيَّة خلقه من الأنبياء الذين اصطفاهم، الأمر الآخر، فإنَّ مَنْح الله لها رزقًا وتنزيل الرزق من عنده عزَّ وجلّ أكبر دليل لتثبيت النبوَّة.

"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ".

إنَّ رزق مريم عليها السلام الّذي وجده زكريا عندها كلما دخل عليها المحراب هو النبات الحسَن الّذي أنبتها الله عزَّ وجلّ إيّاه بتقبُّله واصطفائِه لها، وبتطهيرها من الذنوب وبجعلها نبية ورسولة، وهذا الرزق والنبات الحسن هو وحي آياته بواسطة الملآئكة.

أريدُ أن أُبَيِّن أمرًا في غاية الأهمِيَّة من خلال آيات الله البيِّنات، وهو أنَّ المعنى الباطن لرِزْقِ الله هو النفقة من كتابِ الله، لأنَّ القرءان الكريم وجميع كتب الله هو الرزْق الّذي أنزَلَهُ الله عزّ وجلّْ إلى جميع أنبيائه ورُسُلِهِ وإلى جميع الناس.

وإنَّ كل آية من آياتِهِ هي رزق لنا، لأنَّها ترزقنا الخير والإصلاح وتدخلنا الجنة في الآخرة، ولذلك وَصَفَ الله تعالى القرءان (وجميع كتبه الّتي أنزلها في السابق على أنبيائِهِ ورُسُلِهِ) بالرزق لأنَّه يجعل الإنسان الّذي ينفق منه يقيم الخير والعدل والإحسان للفقراء والمحتاجين (ظاهرًا وباطنًا)، وبالتالي يرزق هذا الإنسان الّذي يُنفق مِنهُ (في سبيل الخير) الجنة في الآخرة.

إذًا، فعندما يرزقنا الله تعالى القرءان الكريم فهذا يعني أنَّهُ سُبحانه يرزقنا الجنة بغير حساب، لذلك علينا أن ننفق من هذا الكتاب لا من غيرِهِ، أي علينا أن نُقيمه ونُطبِّقه في حياتنا وننفق من كل آية من آياتِهِ في سبيل الله لأنفسنا وللآخرين.

وإنَّ الهدف من النفقة من رزق الله، أي من كتاب الله (بتطبيق المعنى الظاهر والباطن للآيات) هو نشر الخير والعدل والإحسان، أي نشر الإصلاح في الأرض.

الدليل على أنَّ المعنى الباطن لرزق الله هو كتاب الله (آيات الله) نجده في عدة سور، سوف أذكر بعضًا منها:

* سورة يونس
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴿٥٩﴾ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٦٠﴾.

"قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٍ۬": لاحظوا قول الله عزَّ وجلّ "... مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ...".
ما هو الرزق الّذي أنزله الله عزّ وجلّ لنا؟
هو بالتأكيد تنزيل وحي القرءان الكريم، ولذلك أكمل تعالى بقوله:
"... فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامًا وَحَلَـٰلاً قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡ‌ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ. وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡڪَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ‌، إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ".

* سورة البقرة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
الٓمٓ ﴿١﴾ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾.

"... وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ يُنفِقُونَ": ما هو الرزق الّذي رزق الله تعالى المُتَّقين إيّاهُ والّذي عليهم أن يُنفقوا منه؟
نجد الجواب في آية (٢): هو "ذَالِكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ..." الّذي "... لَا رَيۡبَ‌ فِيهِ‌..." والّذي هو "... هُدًى لِّلۡمُتَّقِينَ"، إذًا الرزق الّذي يجب على المؤمن التَّقي أن يُنفق منه هو "ذَالِكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ" أي هو القرءان الكريم.

* سورة البقرة
سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٢١١﴾ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ۘ وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٢١٢﴾.

نجد في آية (٢١١) أنَّ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ هي الآيات البينات الّتي ءاتاها الله لبني إسرائيل، ولكنَّ بني إسرائيل بدَّلوها من بعد ما جآءتهم من أجل الحيواة الدنيا فكفروا بالله.

ونجد في آية (٢١٢) أنَّ الّذين اتَّقوا، أي الّذين لم يُبدِّلوا نعمة الله، أي آياته البيِّنات من بعد ما جآءتهم فسوف يرزقهم الله منها في الآخرة بغير حساب، إذًا فإنَّ نعمة الله هي رزقه في الدنيا والآخرة.

* سورة البقرة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٥٤﴾.

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَـٰكُم..." النفقة من الرزق هي النفقة من كتاب الله، ولذلك أكمل تعالى بقوله: "... وَٱلۡكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ".

* سورة غافر
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ۚ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ ﴿١٣﴾ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴿١٤﴾ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ﴿١٥﴾.

"هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمۡ ءَايَـٰتِهِۦ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزۡقًا...": الرزق الّذي يُنزله الله عزَّ وجلّ لنا من السماء هو آياتِهِ، ولذلك قال تعالى:"هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمۡ ءَايَـٰتِهِ..."، وأكمل بقوله: "... وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزۡقًا..."، وأكمل بعد ذلك بقوله في آخر آية (١٣) وفي آية (١٤): "... وَمَا يَتَذَڪَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ، فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ".

ونحن إذا تدبرنا آية (١٥)، "رَفِيعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ ذُو ٱلۡعَرۡشِ يُلۡقِى ٱلرُّوحَ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ لِيُنذِرَ يَوۡمَ ٱلتَّلَاقِ" نجد في قول الله تعالى دليلاً لنا على أنَّ الروح الّذي يُلقيه الله عزَّ وجلّ من أمرِهِ على من يشآء من عباده هو آياته الّتي أرانا إيّاها وهو الرزق الّذي أنزله تعالى من السماء لنا، وهو أيضًا العِلْم الّذي وضعه تعالى لنا في آياتِهِ لقوله تعالى: "رَفِيعُ ٱلدَّرَجَـٰتِ ذُو ٱلۡعَرۡشِ يُلۡقِى ٱلرُّوحَ مِنۡ أَمۡرِهِۦ...".

مع الملاحظة: أنَّ عرش الله تبارك وتعالى هو علمه "... ذو العرش..." = ذو العِلْم.
وأنَّ الروح هو وحي آيات الكتاب.

الرزق = ءَايَـٰتِهِ = عرش الله = عِلْم الله = روح الله = كتاب الله = القرءان الكريم.

* سورة هود
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴿٨٨﴾.

"... كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى..." = "... رَزَقَنِى مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنًا...".
الرزق الحسن هو البيِّنة، أي هو كتاب الله القرءان الكريم.

آيات ساطعات مثل نور الشمس، وآيات بيِّنات لا جدال فيها تُبيّن المعنى الباطن للرزق، وآيات أخرى كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى.

(٣): * سورة آل عمران
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴿٤٢﴾ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴿٤٣﴾ ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٤٤﴾ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿٤٥﴾ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٤٦﴾ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿٤٧﴾.

نجد بوضوح تامّ من خلال هذه الآيات البيَّنات الحوار المباشر من خلال الوحي الذي دار بين مريم عليها السلام والملائكة مع تبشيرهم لها بالرسول المسيح عيسى بن مريم.

وكذلك الأمر في سورة مريم من آية (١٦) إلى آية (٢١).

* سورة مريم
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴿١٦﴾ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴿١٧﴾ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ﴿١٨﴾ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴿١٩﴾ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ﴿٢٠﴾ قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴿٢١﴾.

وهنا نجد في آيات سورة مريم ما يلامس الحقيقة فيما نذهب إليه للتأكيد على تلك الحقيقة، فمخاطبة الروح من قِبَل الله تعالى، أي جبريل عليه السلام جاءت لتبشير الملائكة لها بالرسول عيسى عليه السلام، بدءًا من كيفية تحولّ الروح إلى بشر ليقوم بتلك المخاطبة بهدف وهبها الرسول عيسى عليه السلام، وانتهاءً بقضاء الأمر الذي أُرسل من أجله وهو أمرٌ من عند الله.

كذلك فإنَّ وجود سورة بإسم مريم عليها السلام دلالة جوهرية تُعمقّ هذا الإتجاه نحو نبوَّة مريم، وهو نوع من الإصطفاء الذي وضعها به الله على مستوى واحد مع الأنبياء الأُخُر، إذ كما وَرَدَ في القرءان الكريم سُوَر مُسماّة بأسماء الأنبياء:

كسورة آل عمران، وسورة يونس وهود ويوسف وإبراهيم ولقمان ومحمد ونوح، عليهم السلام أجمعين.

(٤): * سورة الأنبياء
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ﴿٤٨﴾ ..... وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ..... ﴿٨٥﴾ ..... وَذَا النُّونِ..... ﴿٨٧﴾ ..... وَزَكَرِيَّا..... ﴿٨٩﴾ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿٩١﴾.

إذا تابعنا سورة الأنبياء من آية (٤٨) إلى آية (٩١) نجد كيف ذَكَرَ الله تعالى الأنبياء بدءًا بموسى وهارون عليهما السلام وانتهاءً بمريم وابنها، وهذا يُعطينا التأكيد والدليل الواضح على أنَّ مريم عليها السلام نبيَّة، والتأكيد والدليل الثاني الذي لا ريب فيه هو اسم السورة (سورة الأنبياء).

وأيضاً يأتي تأكيد ودليل آخر في آية (١٢) من سورة التحريم.

* سورة التحريم
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴿١٢﴾.

(٥): * سورة آل عمران
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴿٤٢﴾ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴿٤٣﴾.

إنَّ الله سبحانه وتعالى يصطفي من الناس الأنبياء، وهنا اصطفى الله مريمَ أوَّلاً ثمَّ خصَّصها باصطفائه لها كأُنثى عن سائر نساء العالَمين.

* سورة آل عمران
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾.

وما دام انتساب مريم عليها السلام لآل عمران، وهم عائلة أنبياء اصطفاهم الله تعالى، فإنَّ في كلّ تلك الآيات القرءانيَّة براهين تُشير إلى نبوَّتها ومقامها، المقام المحمود بين الأنبياء الآخرين، إنَّها آية من روح الله نبتت ذلك النبات الحسن، بعدها لتكتمل صورتها بابنها المسيح عيسى عليه السلام.

سلام الله عليك أيَّتها الصدِّيقة القانتة مريم ابنت عمران، نشكر الله تعالى على أن بعثكِ مقامًا محمودًا أيَّتها الطاهرة.

 

في الختام، أدعوا الله تعالى أن يُحِلّ كل إنسان يتَّبع فقط قرءانه العظيم دار المَقامة (مقامًا محمودًا).

* سورة فاطر
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴿٣١﴾ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴿٣٢﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا  وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴿٣٣﴾ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴿٣٤﴾ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴿٣٥﴾.

 

218 Apr 13 2017