بيان وتفسير المعنى الحقيقي لآية (٩٦) من سورة آل عِمران باختصار من خلال أحسن التفسير

 

بيان وتفسير المعنى الحقيقي لآية (٩٦) من سورة آل عِمران باختصار من خلال أحسن التفسير (القرءان العظيم)
*
إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلۡعَـٰلَمِينَ (٩٦)

 

 

السلام على من دخل بيت الله (كتاب الله) مؤمنًا ولم يُجادل فيه.

(١): إنَّ أوَّل بيت، أي إنَّ أفضل بيت، إنَّ بيت الله هو كِتابِهِ أو كُتُبِهِ الّتي أنزلها على جميع أنبياءِهِ ورُسُلِهِ، أي هو القرءان، فالله تعالى ليس له بيت بمفهوم البشر، لأنَّ الله تعالى ليس كمِثْلِهِ شيء، إذًا فإنَّ بيته كخالق لا يُمَثَّلْ ببيت المخلوق.

إنَّ بيت الله هو القرءان لأنَّ كل إنسان يُريد أن يزور الله أو يتعرف عليه يجده في بيتِهِ الّذي هو القرءان، لأنَّ الله تعالى مُقيم فيه من خلال قوله وحديثه وأمثاله وسنَّته وشريعته وقانونه، إنَّ الله تعالى دائم الوجودية، فهو سبحانه موجود قبل الزمان وبعد الزمان وقبل المكان وبعد المكان لا يحُدُّهُ شيء، وكذلك الأمر بالنسبة لبيته فإنَّ بيته أيضًا لا يَحُدُّهُ شيء، وبما أنَّ القرءان هو ذات الله، أي إرادة الله الّذي فيه وضع لنا علم كل شيء أو أمر، إذًا فهو بيته الّذي بواسطته نستطيع أن نتعرَّف عليه إذا دخلناه لكي نأخذ الأمان منه فنُصبِح بذلك آمنين، لأنَّ بيت الله هو الّذي يُعطينا الأمان والطُمأنينة، أي الجنة، فنحن لا نستطيع أن نأخذ الأمان إلاَّ إذا دخلنا بيته الكريم (القرءان الكريم) وكل إنسان يؤمن بالله ويدخل بيت الله يستضيفه الله تعالى فيه فيُصبح هذا البيت هو أيضًا بيته.

إنَّ مفهوم أكثر المسلمين لبيت الله هو مفهوم خاطىء أتى من خلال اتِّباعهم لتحريف جهلاء الدين للمعنى الحقيقي لبيت الله الّذي ذكره الله تعالى لنا في القرءان الكريم، إخوتي وأخواتي الأفاضل أرجوا منكم أن تقرأوا تلك الآيات البيِّنات من الذِّكْرِ الحكيم.

(٢): * سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَاهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَـٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآ‌ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسۡلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآ‌ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولاً مِّنۡہُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡہِمۡ ءَايَـٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيہِمۡ‌ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ (١٢٩).

إنَّ قواعد البيت هي آيات صحف إبراهيم، نجد الدليل في سورة عبس:

* سورة عبس
كَلَّآ إِنَّہَا تَذۡكِرَةٌ (١١) فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (١٣) مَّرۡفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةِۭ (١٤) بِأَيۡدِى سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامِۭ بَرَرَةٍ (١٦).

"فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ - مَّرۡفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةِۭ" ----- "فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ - مَّرۡفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةِۭ".
"فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ - مَّرۡفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةِۭ" ----- "فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ - مَّرۡفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةِۭ".

آيات ساطعات مثل نور الشمس.

(٣): * سُوۡرَةُ آل عِمرَان
قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُ‌ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (٩٥) إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلۡعَـٰلَمِينَ (٩٦) فِيهِ ءَايَـٰتُۢ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبۡرَاهِيمَ‌ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٩٧) قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَہِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ (٩٨) قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَہَا عِوَجًا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُ‌ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ (٩٩) يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ يَرُدُّوكُم بَعۡدَ إِيمَـٰنِكُمۡ كَـٰفِرِينَ (١٠٠) وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ وَفِيڪُمۡ رَسُولُهُ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِىَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ (١٠١).

"إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلۡعَـٰلَمِينَ ----- فِيهِ ءَايَـٰتُۢ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبۡرَاهِيمَ‌ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا...".
"إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلۡعَـٰلَمِينَ ----- فِيهِ ءَايَـٰتُۢ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبۡرَاهِيمَ‌ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا...".

إذا ربطتم تلك الآيات في سورة آل عمران تجدوا أنَّ بيت الله المُبارك فيه آياتٌ الكتاب البيِّنات الّتي أنزلها الله تعالى على إبراهيم ولذلك فهو مقامُهُ ومن دخله كان آمنًا، لأنَّ الله تعالى سوف يأمنه من جهنم ويُدخِلُهُ الجنة، ولذلك قال الله تعالى: "ومن كفر فإنَّ الله غنيٌ عن العالمين"، وإذا أكملتم تلك الآيات تجدوا بأنَّ الله تعالى يتحدَّث عن الكفر بآياتِهِ وعن الصَّدْ عن سبيلِهِ، إلى آخر الآيات.

آيات بيِّنات مثل نور الشمس.

(٤): * سُوۡرَةُ الحَجّ
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِى جَعَلۡنَـٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَـٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِ‌ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٍ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥) وَإِذۡ بَوَّأۡنَا لِإِبۡرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلۡبَيۡتِ أَن لَّا تُشۡرِكۡ بِى شَيۡـًٔا وَطَهِّرۡ بَيۡتِىَ لِلطَّآٮِٕفِينَ وَٱلۡقَآٮِٕمِينَ وَٱلرُّڪَّعِ ٱلسُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ ڪُلِّ ضَامِرٍ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِّيَشۡهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡڪُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍ مَّعۡلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ‌ فَكُلُواْ مِنۡہَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآٮِٕسَ ٱلۡفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لۡيَقۡضُواْ تَفَثَهُمۡ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ (٢٩).

الحج هو زيارة بيت الله، أي كتاب الله، وكتاب الله هو سواءً لجميع الناس ولكل إنسان أراد أن يزوره، أي يدخله، وعندما ندخله، أي نؤمن به ونتدبَّره نكون بذلك قد نشرنا الخير والإصلاح، وأطعمنا البائس الفقير، لذلك أذَّن إبراهيم عليه السلام في الناس بالحجّ ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله، أي ليتعلَّموا كتاب الله (صحف إبراهيم عليه السلام) وليُطبِّقوا ما أمرهم تعالى به بهدف عَمَل الصالحات، إلخ...

(٥): * سُوۡرَةُ التّحْریم
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِى عِندَكَ بَيۡتًا فِى ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِى مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ (١١).

في آية (١١) من سورة التحريم، تجدوا أنَّ إمرأت فرعون طلبت بيتًا عند الله في الجنة لكي تأخذ الأمان، أي دعت الله تعالى أن يهديها إلى بيتِهِ، أي إلى كِتابِهِ لكي تنجى من عمل فرعون، فتكون لها الجنة في الآخرة.

(٦): * سُوۡرَةُ نُوح
رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِى وَلِوَالِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِىَ مُؤۡمِنًا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا (٢٨).

إنَّ بيتَ نوح عليه السلام هو رسالات الله الّتي أنزلها عليه، وكل إنسان يدخل بيت نوح مؤمنًا، أي يؤمن برسالات نوح ويعمل بها يغفر الله له.

في الختام أدعوا الله تعالى أن يجعلنا من المُرحَّبين في بيته، وبذلك نكون من أهل بيته (قرءانه العظيم).

 

213 Apr 2 2017