ما معنى الكوثر في القرءان؟

Raed's picture
Author: Raed / Date: Wed, 02/03/2016 - 22:06 /

 

ما معنى الكوثر في القرءان؟

 

1. إنَّ أكثر تفاسير كُتُب الدين السني تُشير إلى أنَّ الكوثر هو نهر من أنهار الجنة إختصَّ الله تعالى بِهِ محمدًا عليه السلام في الآخرة. وإنّ أكثر تفاسير كتب الدين الشيعي تُشير على أنَّ الكوثر هو فاطمة إبنة النبي محمد. وعندما قرأتُ القرءان الكريم وتدبَّرتُ آياته، لم أجد فيه ولا آية واحدة تخبرنا أنّ الكوثر هو نهر من أنهار الجنة للرسول محمد عليه السلام أو أنّه فاطمة، ولكني وجدتُ آية واحدة تتحدَّث عن أنهار من ماء ولبن وخمر وعسل إختصَّها الله عز وجل لجميع المُتَّقين من ذكور كانوا وإناث من دون استثناء ولم يختصّها فقط لمحمد، هذه الآية وردت تحديدًا في سورة محمد عليه السلام. فمن أين جآء المُفسِّرون المُبطِلون بتلك التفاسير الباطلة  عن نهر الكوثر الّذي لم يُذكر قطعيًّا في القرءان الكريم؟

سُوۡرَةُ محَمَّد
مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَ‌ۖ فِيہَآ أَنۡہَـٰرٌ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٍ وَأَنۡہَـٰرٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُ وَأَنۡہَـٰرٌ مِّنۡ خَمۡرٍ لَّذَّةٍ  لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡہَـٰرٌ مِّنۡ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمۡ فِيہَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغۡفِرَةٌ مِّن رَّبِّہِمۡ‌ۖ كَمَنۡ هُوَ خَـٰلِدٌ فِى ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ (١٥).

("مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَ‌": المُتَّقون هم من الناس ذكورًا كانوا أم إناثًا، وليس فقط محمد).

 

2. تعالوا معًا إخوتي وأخواتي الكرام نتدبرّ آيات سورة الكوثر، ونرى كيف نسخ الله تعالى تفاسيرهم الباطلة وأحاديثهم الكاذبة  ودينهم الباطل سنِّيًّا كان أم شيعِيًّا.

سُوۡرَةُ الکَوثَر
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

إِنَّآ أَعۡطَيۡنَـٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ (٣).

والآن سوف اُبيِّن معنى آيات سورة الكوثر من بيان الله نفسه الّذي وضعه تعالى لنا في سورة الكوثر نفسها من خلال منطق آياتاها وربطها ببعضها:

آية (1): "إِنَّآ أَعۡطَيۡنَـٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ":
الكوثر في اللغة العربية هو الشيء الكثير الخير والعطاء. ما هو الشيء الكثير الخير والعطاء الّذي أعطاه الله عز وجل لرسولِهِ الأمين محمد عليه السلام؟ هو حتمًا القرءان الكريم، لأنَّ القرءان الكريم هو كتاب الله عز وجل الّذي أعطاه لمحمد عليه السلام، وهذا الكتاب يحتوي على الخير والعطاء المُطلق لأنَّ الله هو الخير المُطلق، ولقد أنزله الله تعالى لينير بِهِ درب الإنسان إلى الخير وليهديه الصراط المُستقيم وليَحُثُّهُ على فعل الخيرات. في هذه الآية الكريمة، أراد الله تعالى أن يُعْلِمْ الرسول محمد عليه السلام أهميةِ وقيمةِ هذا الكتاب الّذي أنزله إليه، ولذلك سمّاهُ بالكوثر.

آية (2): "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ":
كلمة النحر في اللغة العربية تعني إتقان الشيء، وإتقان العِلم. إنَّ الله تعالى لم يكتفِ بإعطاءِ الرسول محمد عليه السلام "الكوثر"، بل أرادهُ أن يُصلّي لَهُ من خلال هذا الكوثر، وأن ينحر صلاتَهُ. أي أرادهُ أن يُتْقِنْ عِلم القرءان الحكيم بتطبيق آياتِهِ وبدعوة الناس إلى الإصلاح وفعل الخيرات. فالصلواة كما ذكرتُ لكم في مجموعة من حلقاتي ومقالاتي هي القرءان، والقرءان هو الكوثر، إذًا فالصلواة هي الكوثر أي القرءان، ونحر وإتقان الكوثر هو نحر وإتقان عِلْمْ القرءان، أي هو تَعَلُّمْ وتدبُّرْ علم القرءان بهدف توصيل هذا العِلْمْ الّذي هو مُطلَق الخير والعطاء إلى جميع الناس. لقد أجمع جميع الّذين يُسمون أنفسهم بالعلماء والفقهاء في كتب تفاسيرهم الباطلة على أنَّ النحر هو الذبح، وفي هذه الآية لا نجد أية صلة ما بين الذبح والكوثر بالمعنى والمفهوم الشائِع للذبح.

آية (3): "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ":
الشانئ هو المُبغِض. من هو مُبْغِض الرسول محمد عليه السلام؟ هو الّذي يُعادي الله ورسولِهِ، أي هو الّذي لا يُريد أن يؤمن بالقرءان الّذي هو الكوثر، أي هو الّذي لا يُريد أن يؤمن بالخير والعطاء لأنه فاقد الخير والعطاء، وفاقد الشيئ لا يُعطيهِ، ولذلك هو أبتر. لقد شبَّهَ الله تعالى كل إنسان يُبغِضْ محمدًا عليه السلام بالأبتر، لأنه يُريد أن يبقى على دينِهِ الأبتر ولا يُريد أن يؤمِنْ بالكوثر أي بالقرءان، لذلك فهو لا يَقدِرْ على شيء من دينِهِ الزائِف لأنَّ دينه هذا لا يُعطي أي خير أو عطاء، فَيُصبِحْ الّذي يُبغِضْ محمدًا عليه السلام أبترًا أي مقطوعًا من الخير والعطاء، فلا يستطيع بذلك أن يُقيم الصلواة أي أن ينشر الخير والإصلاح في الأرض، لأنّهُ لا يوجد لديه علم ولا خير ولا إيمان. وكما كان هذا المُبغِض أبترًا في هذه الدنيا، فسوف يكون أيضًا أبترًا في الآخرة، لأنه سوف يكون مقطوعًا من الجنّة، تمامًا كما كان مقطوعًا من القرءان في هذه الدنيا، وبالتالي سوف يكون مصيره جهنّم في الآخرة. إذًا فالكوثر (وحي القرءان) هو عكس الأبتر (وحي السنة الباطلة)، تمامًا كما الخير هو عكس الشر، وتمامًا كما الإصلاح هو عكس الفساد، وتمامًا كما الجنة هي عكس جهنم.

 

3. إنَّ سورة الكوثر هي في الحقيقة تشجيع وتثبيت وأمر من الله تعالى لرسوله الأمين محمد صلوات الله عليه على إتقان القرءان والتمَّسُّك بِهِ بهدف نحرِهِ أي بهدف تطبيق كل معنى من معاني آياتِهِ العظيمة والسامية. هذا ما دعانا الله عز وجل به في آيات سورة الكوثر وفي كل آية من الآيات التالية:

سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ (١٧٠).

سُوۡرَةُ الزّخرُف
فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِىٓ أُوحِىَ إِلَيۡكَ‌ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ۬ مُّسۡتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكۡرٌ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَ‌ۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ (٤٤).

سُوۡرَةُ هُود
وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبً۬ا‌ۚ قَالَ يَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَڪُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَيۡرُهُ ۥ‌ۖ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ‌ۚ إِنِّىٓ أَرَٮٰڪُم بِخَيۡرٍ وَإِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيۡڪُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ مُّحِيطٍ۬ (٨٤) وَيَـٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِڪۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِ‌ۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِى ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ لَّكُمۡ إِن ڪُنتُم مُّؤۡمِنِينَ‌ۚ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٍ۬ (٨٦) قَالُواْ يَـٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِىٓ أَمۡوَالِنَا مَا نَشَـٰٓؤُاْ‌ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ (٨٧) قَالَ يَـٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَٮٰڪُمۡ عَنۡهُ‌ۚ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُ‌ۚ وَمَا تَوۡفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ‌ۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ (٨٨).

سُوۡرَةُ هُود
فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْ‌ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَڪُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّہَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيۡلِ‌ۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ‌ۚ ذَالِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَٱصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (١١٥) فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنۡہَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلاً مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡ‌ۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ (١١٦) وَمَا ڪَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٍ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ (١١٧).

سُوۡرَةُ الحَجّ
ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّڪَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ‌ۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ (٤١).

9 Feb 15, 2016