ما هو مفهوم النسخ في القرءان الكريم، وهل يوجد ناسخ ومنسوخ؟ (2)

Raed's picture
Author: Raed / Date: Thu, 08/04/2016 - 14:06 /

 

ما هو مفهوم النسخ في القرءان الكريم، وهل يوجد ناسخ ومنسوخ؟ (2)
 

 

5. تعريف دين الله الحق من القرءان الكريم (إلآهٌ واحد = دينٌ واحد = كتابٌ واحد):

لقد قال علماء السلف في كتبهم الباطلة كما ذكرتُ لكم سابقًا: ((إنَّ أحكام الشرائع في الأديان المختلفة اختلفت من شريعة لأخرى، قال تعالى: {لكل أمة جعلنا منسكًا هم ناسكوه} (الحج: 67). وإنَّ شريعة الإسلام جاءت ناسخة لما سبقها من الشرائع، ومهيمنة عليها، واقتضت حكمة الله سبحانه أن يشرعّ أحكامًا لحكمة يعلمها، ثم ينسخها لحكمة أيضًا تستدعي ذلك النسخ، إلى أن استقرت أحكام الشريعة أخيرًا، وأتمّ الله دينه، كما أخبر تعالى بقوله: {اليوم أكملت لكم دينكم} (المائدة: 3).)).

وأنا أودُّ أن أجيبهم بأربع مقاطع، وهي أكثر من كافية لإبطال قولهم هذا ولإظهار دين الله الحق.

 

المقطع الأول:

إنَّ دين الله عزّ وجلّ وشريعته واحدة لجميع الأمم منذ أن بدأ الله جلَّ وعلا خلق الإنسان إلى انتهاء خلقِهِ. فلا توجد أديان أو شرائع سماوية متعدّدة ومُختلفة الهوية والمذاهب والطوائف، بل يوجد فقط دين واحد لا غير، ألا وهو دين وشريعة الإسلام، والّذي هو دين الإيمان بالله والعمل الصالح، كما أخبرنا الله عز وجل في كثير من آياته، سوف أذكر لكم بعضًا منها:

 

سورة الشورى
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴿١٣﴾ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴿١٤﴾ فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٥﴾.

"شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ":
دين واحد شرعه الله عز وجل لجميع أنبيائه ورُسُلِهِ وبالتالي لجميع الأمم وجميع الناس، ومن المُحرَّمِ علينا أن نتفرَّق فيه أو أن نتبع غيره أو أن نصنع أديانًا باطلة.

 

سورة النساء
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿١٦٣﴾ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴿١٦٤﴾ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿١٦٥﴾ لَٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴿١٦٦﴾.

"إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا":
نفس الوحي، يعني وحي واحد أوحاه الله عز وجل لجميع أنبيائه ورُسُلِهِ وبالتالي لجميع الأمم وجميع الناس. إذًا دينٌ واحد لجميع الأمم.

 

سورة النساء
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴿١٣١﴾ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿١٣٢﴾.

"... وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا...":

هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ ما وصّانا بِهِ الله عز وجل في القرءان من تقوى وعدم كُفر بِهِ هو تمامًا ما وصّى الّذين أوتوا الكتاب من قبلنا في كُتُبهم السابقة، مِمّا يُعطينا دليلاً واضحًا على أنَّ وصايا الله عز وجل الّتي أنزلها ووضعها في جميع رسالاته وكتبه هي واحدة لجميع الأمم والناس، وبالتالي دينه.

 

سورة النساء
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٢٦﴾.

سورة الإسراء
سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ﴿٧٧﴾.

سورة الفتح
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴿٢٣﴾​.

"وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ"، "سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا"، "سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ":
سنة الله لا سنة محمد. نفس السنة الّتي أنزلها الله عز وجل على الرسول محمد عليه السلام أنزلها تعالى أيضًا من قبل في السابق على جميع أنبيائه ورُسُلِهِ.

"وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا"، "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا":
لا تبديل ولا تحويل لسنة الله عز وجل أي لقانونه الّذي وضعه وفرضه في الكتاب. يعني لا توجد سُنَن مُختلفة عن بعضها، وبالتالي لا توجد أديان أو مذاهب أو طوائف أو أحزاب مُختلفة عن بعضها.

 

سورة المؤمنون
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿٥١﴾ وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٥٣﴾.

"يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ":
أمّة الرُسُل أمَّة واحدة وهذا يعني دينٌ واحد وكتابٌ واحد لجميع الرُسُل والأنبياء ولجميع الأمم والناس، وهذا الدين هو دين العمل الصالح، وعلى الجميع (الرُسُل والأنبياء والأمم والناس) أن يأكلوا من الطيبات الّتي أحلَّها الله عز وجل لهم في كتابه، وهذا يعني أنّه على الجميع من دون استثناء أن يأكلوا من كتاب الله بهدف تطبيقه وإقامته والعمل به، أي بهدف أن يعملوا صالحًا، لأنه دين الإيمان بالله والعمل الصالح.

 

سورة النحل
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٤٣﴾ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾.

"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ":
الرِّجال هم جميع أنبياء ورُسُل الله الّذين أرسلهم الله عز وجل سابقًا من قبل الرسول محمد عليه السلام وأوحى إليهم.

"أَهْلَ الذِّكْرِ":
هُم جميع الأنبياء والرُسُل السابقين قبل الرسول محمد عليه السلام.

"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ... بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ":
"أهل الذكر" هُم الأنبياء والرُسُل السابقين. كيف نسألهم بالبيِّنات والزُبُر، أي برسالات الله وكُتُبِهِ الّتي أنزلها عليهم في السابق؟ نسألهم من خلال كُتُبهم ورسالاتهم الّتي أنزلها الله تعالى وحفظها في القرءان بلسان القرءان العربي. أي نسألهم عن رسالاتهم من القرءان. أي نسأل عمّا قال موسى في التوراة من توراة موسى الّتي حُفِظت في القرءان، ونسأل عمّا قال عيسى في الإنجيل من إنجيل عيسى الّذي حُفِظ في القرءان. ولذلك أكمل الله بقولِهِ في آية (44): "وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّڪۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡہِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ"، لِكَيْ يُعلمنا أنَّهُ تعالى أنزل إلى محمد الذِّكر أي القرءان بما فيهِ من توراة وإنجيل وجميع كُتُب ورسالات الله السابقة لِيُبَيِّنَ  للناسِ أي لجميع الناس والأمم ما نُزِّلَ إليهم أي ما نُزِّل إلى ءابآئِهِم وأمَّتِهِم في السابق من توراة وإنجيل وجميع رسالات وكُتُب الله. إذًا فالقرءان (الذِّكر) هو الّذي يُبيِّن لجميع الناس ما نُزِّلَ إليهم (جميع كُتُبِهِم السابقة)، لأنّ جميع تلك الكُتُب كانت قد حُرِّفت عبر الزمن قبل نزول القرءان، ولذلك أعاد الله تنزيلها وحفظها لجميع الناس في القرءان. ولذلك ختم تعالى الآية بقولِهِ: "وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ".

مُختصر مُفيد

"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ... بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ"
تعني فَاسْأَلُوا الأنبياء والرُسُل السابقين بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ. أي فَاسْأَلُوا الأنبياء والرُسُل السابقين من خلال القرءان بكتبهم ورسالاتهم السابقة، لأنَّ جميع كتب ورسالات الأنبياء والرُسُل السابقين محفوظة في القرءان كرسالات نوح وصُحُف إبراهيم وموسى، من توراة إلى إنجيل إلى غيرها من الرسالات.

"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ":
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ يا محمد الذِّكْرَ أي القرءان لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أي لجميع الأمم مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ في السابق من رسالات وصُحُف وتوراة وإنجيل، فالقرءان الكريم صدَّق بها بلسانِهِ العربي وحفظها من أي تحريف وائتمن عليها. وهذا أكبر دليل على أنَّ الرسالات واحدة ودين الله وكتابه واحد لجميع الأنبياء والرُسُل والأمم وجميع الناس.

 

سُوۡرَةُ النّحل
وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِى ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ‌ۙ وَهُدًى وَرَحۡمَةً لِّقَوۡمٍ يُؤۡمِنُونَ (٦٤).

"وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِى ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ‌ۙ":
لقد أنزل الله تعالى الكتاب (القرءان) فقط وفقط ليُبيِّنَ للناس الّذي اختلفوا فيه، أي ليُبيِّنَ للناس التوراة والإنجيل وجميع كُتُبه السابقة لأنهم اختلفوا فيها في السابق وقبل نزول القرءان. ولذلك وضع الله تعالى أداة الشرط "إلاّ" بقولِهِ: "وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِى ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ‌ۙ". إذًا فإنَّ تنزيل الكتاب (القرءان) من الله عز وجل للرسول محمد عليه السلام له شرطٌ أساسيٌ واحد وهدفٌ واحد، ألا وهو تبيان رسالات جميع الأنبياء والرُسُل السابقين في القرءان بهدف الهداية والرحمة (أي الجنة في الآخرة). هذا يدلنا على أنَّ رسالات الله عز وجل ودينه وشريعته واحدة لجميع الأمم والناس.

 

سورة الأنبياء
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَٰذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿٢٤﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿٢٥﴾​.

"هَٰذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي":

  1. هَٰذَا (أي القرءان) هو ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ، لأنّه ذِكر جميع الناس الّذين وُجِدوا مع الرسول محمد عليه السلام. يعني هو دين من كان مع الرسول محمد عليه السلام. وهو يُحدِّثنا عنهم وعن الأحداث الّتي حصلت بينهم وبين الرسول محمد في زمنهم (زمن الرسول محمد).
  2. وهذا (أي القرءان) هو "وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي"، لأنّه ذِكر جميع الأمم والناس الّذين وُجِدوا في الأزمان السابقة مع الأنبياء والرُسُل السابقين من قبل الرسول محمد عليه السلام. يعني هو دين من كان قبل الرسول محمد عليه السلام، لأنّه يحفظ ويُصدِّق ويأتمن على جميع الرسالات وصُحُف الأنبياء والرُسُل السابقين، وهو يُحدثنا عنهم وعن الأحداث الّتي حصلت بينهم وبين أنبياءهم ورسلهم السابقين في زمنهم (زمن الأنبياء والرُسُل السابقين).

إذًا هذا القرءان الّذي هو ذِكْرُ مَنْ مَع الرسول محمد عليه السلام وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِهِ هو كتاب جميع الأنبياء والرُسُل وجميع الأمم والناس وليس فقط كتاب محمد وأمَّته، ولذلك أكمل الله عز وجل حديثه في الآية الّتي تليها بقوله فيها: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ". هذا يُعطينا الدليل على أنَّ كتاب الله ودينه واحد وأنَّ شريعته وسنته واحدة لجميع الأمم والناس من أوّل الخلق إلى آخِرِهِ -سلامٌ على جميع المرسلين-

"لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" = لا دين إلاّ ديني فاعبدونِ = لا دين إلاّ الإسلام فاعبدونِلا كتاب إلاّ كتابي فاعبدونِ = لا شريعة إلاّ شريعتي فاعبدونِ = لا سنّة إلاّ سنّتي فاعبدونِ = لا قانون إلاّ قانوني فاعبدونِ = لا كتاب إلاّ القرءان (التوراة والإنجيل والكُتُب السابقة) فاعبدونِ.

 

سورة السجدة
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿٢٣﴾​.

"وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ":
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي شكٍّ مِنْ لقاء كتاب موسى، فهو موجود في القرءان، ولقد ائتمن القرءان عليه وحفظه وصدَّق به. إذًا كتاب موسى هو كتاب محمد والعكس صحيح، وهذا يدلنا على أنَّ دين الله عز وجل وكتابه واحدٌ لجميع أنبيائه ورُسُلِهِ ولجميع الأمم والناس.

 

سورة الأنبياء
لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠﴾.

"لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ":
لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فيه جميع رسالات أنبياءكم ورُسُلكم السابقة = لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فيه دينكم وشريعتكم الّتي أوجبها الله تعالى عليكم وأمركم باتباعها، وفيه كتابكم الّذي أنزله الله عز وجل عليكم وأمركم بِهِ، من أوَّل أمّة إلى آخِر أمّة. هذا أكبر دليل على أنَّ دين الله عز وجل وكتابه واحد لجميع الأمم.

 

سُوۡرَةُ الحِجر
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

الٓر‌ۚ تِلۡكَ ءَايَـٰتُ ٱلۡڪِتَـٰبِ وَقُرۡءَانٍ مُّبِينٍ (١) رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ ڪَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ (٢) ذَرۡهُمۡ يَأۡڪُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُ‌ۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ (٣) وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعۡلُومٌ (٤) مَّا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ (٥)  وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِى نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونٌ (٦) لَّوۡ مَا تَأۡتِينَا بِٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ (٧) مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوٓاْ إِذًا مُّنظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ (٩) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِى شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ  (١٠) وَمَا يَأۡتِيہِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَہۡزِءُونَ (١١) كَذَالِكَ نَسۡلُكُهُ فِى قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (١٢) لَا يُؤۡمِنُونَ بِهِۦ‌ۖ وَقَدۡ خَلَتۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡہِم بَابًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ (١٤) لَقَالُوٓاْ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَـٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمٌ  مَّسۡحُورُونَ (١٥).

آية (9): "إنّا نحنُ نزَّلنا الذِّكرَ وإنّا لهُ لحافظون":
"الذِّكرَ" هو جميع كتب الله ورسالاته السابقة المحفوظة في القرءان. لقد نزَّلَ الله عز وجل الذِّكرَ في السابق على الأمم السابقة كالتوراة والإنجيل وجميع كُتُبِهِ، وأعاد تنزيلها وحفظها في القرءان من خلال حِفظِهِ للقرءان بلغتِهِ العربية الأم (بلسانٍ عربيٍّ مُّبين). ولقد حفظ الله عز وجل الذِكر أي جميع كُتُبِهِ ورسالآتِهِ السابقة في القرءان لأنها حُرِّفت عبر الزمن واختُلِف فيها، ولذلك حفظها في القرءان بحِفظِهِ للذِكر، يعني بحِفظِهِ للقرءان وفيهِ جميع رسالات أنبيائِهِ ورُسُلِهِ، رحمةً مِنهُ للعالمين وللناسِ أجمعين.

لذلك قال تعالى في الآية الّتي تليها، في آية (10): "وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِى شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ"، دليلاً على أن الله عز وجل قد أرسل أيضًا هذا الذِكر في السابق من قبل الرسول محمد إلى جميع الرُسُل السابقين الّذين أرسلهم الله تعالى في شِيَع الأولين أي في جميع الأمم السابقة. وقال تعالى أيضًا في آية (11): "وَمَا يَأۡتِيہِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَہۡزِءُونَ". وقال أيضًا في آية (13): "لَا يُؤۡمِنُونَ بِهِۦ‌ۖ وَقَدۡ خَلَتۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ".

وإنَّ قول الّذين كفروا في آية (6) و(7): "وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِى نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونٌ، لَّوۡ مَا تَأۡتِينَا بِٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ"، هو أكبر دليل على أنَّ الذِّكر (القرءان) الّذي نُزِّلَ على الرسول محمد عليه السلام هو جميع كُتُب الله ورسالاته الّتي أُنزِلَت في السابق على الأنبياء والمُرسلين، ولذلك لم يُصدِّقوهُ بما جآء بِهِ إليهم من كُتُب الله ورسالاته السابقة كالتوراة والإنجيل وغيرها من رسالات الأنبياء والرُسُل، واتهمونه بالجنون بقولِهم له: "يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِى نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونٌ"، وطلبوا منه شرطًا تعجيزِيًّا مُستحيلاً لكي يُصدِّقونه يُثبِت لهم أنَّ هذا الذِكر هو جميع الكُتُب والرسالات السابقة، بقولهم له: "لَّوۡ مَا تَأۡتِينَا بِٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ". إنّ آية (9) هي أكبر دليل على أنَّ القرءان هو الذِكر وأنَّهُ جميع كُتُب الله ورسالاته السابقة. هذا يدلنا على أنَّ شريعة الله عز وجل ودينه واحد لجميع الأمم والناس.

 

سورة فصلت
مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ﴿٤٣﴾.

"مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ":
ما قاله (أوحى بِهِ) الله عز وجل لك يا محمد هو تمامًا نفس ما قاله (أوحى بِهِ) لجميع الرُسُل السابقين من قبلك. إذًا قول الله عز وجل ووحيهُ هو واحد لجميع رُسُلِهِ، مِمّا يعني أنَّ دينه وشريعته وسنته وبالتالي كتابه واحد لجميع الأنبياء والرُسُل والأمم والناس.

 

سورة الشعراء
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٩٢﴾ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴿١٩٣﴾ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴿١٩٤﴾ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴿١٩٥﴾ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٩٦﴾ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿١٩٧﴾ وَلَوۡ نَزَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ بَعۡضِ ٱلۡأَعۡجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيۡهِم مَّا ڪَانُواْ بِهِۦ مُؤۡمِنِينَ (١٩٩) كَذَالِكَ سَلَكۡنَـٰهُ فِى قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤۡمِنُونَ بِهِۦ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ (٢٠١).

"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ... بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ":
أي إنَّ الّذي نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ والّذي هو بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ كان موجودًا في زُبُرِ أي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ.

"بلسانٍ عربيٍّ مُّبين":
لأنَّ القرءان بما فيه من رسالات نزل بلسان محمد عليه السلام العربي أي بلُغتِهِ العربية.

"وإنَّهُ لفي زُبُرِ الأوَّلين":
هذا أكبر دليل على أنَّ القرءان كان في كُتُبِ الأوَّلين. هذا يعني أنَّ جميع ما ذكرهُ الله عز وجل في هذا القرءان كان في السابق موجودًا في جميع الكُتُب (الزُبُرْ) الّتي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء والرُسُل الأوَّلين، مِمّا يدُلُّنا على أنَّ الله تعالى أعاد تنزيل جميع تلك الكُتُب (الزُبُرْ) وحفظها في القرءان. ولذلك أكمل تعالى بقولِهِ في آية (197): "أَوَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُ عُلَمَـٰٓؤُاْ بَنِىٓ إِسۡرَآءِيلَ"، لأنَّ عُلماء بني إسرآئيل هُم رجال الدين الّذين درسوا القرءان جيِّدًا وعلِموا أنَّهُ توراة موسى عليه السلام بلسانٍ عربيٍّ مُّبين. أي علِموا أنَّ توراتهم الّتي بين أيديهِم مُحرَّفة، وأنَّ توراتهم الّتي بين يدَيْ القرءان هي التوراة الصحيحة، وعلى الرُغم من ذلك لم يؤمنوا بها لِقولِهِ تعالى في آية (198) و(199): "وَلَوۡ نَزَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ بَعۡضِ ٱلۡأَعۡجَمِينَ، فَقَرَأَهُ عَلَيۡهِم مَّا ڪَانُواْ بِهِۦ مُؤۡمِنِينَ". هُنا يُريد الله تعالى أن يُخبرنا أنَّهُ حتّى لو جعل هذا القرءان أعجمِيًّا ونزَّلَه على بعض الأعجمين أي بلسانهم (بلغة قوم اليهود) فما كانوا به مؤمنين  بحجَّة أنَّهُ كتابٌ لِسانُهُ أعجمي، فكيف يستطيع رسولهم العربي محمد عليه السلام أن يقرأهُ عليهم ويُفصِّل لهم آياتِهِ ولسانُهُ عربي؟ فيُصبح بذلك في نظرِهِم وظنِّهِم الكاذِب كتابٌ غير مُفصَّل أي ناقِص. ولكنَّ عدم إيمانهم بِهِ هو في الحقيقة ليس بسبب حجتهم هذه، لأنها حُجَّة داحِضة، ولكنَّ عدم إيمانهم كان بسبب كُفرِهِم وإشراكهم واختلافِهِم في الكتاب الّذي أُنزِلَ على موسى في السابِق. فإذا لم يؤمنوا في السابِق بكتاب موسى بِلِسانِهِ الأعجمي، فكيف سوف يؤمنون بكتاب موسى بِلِسان مُحمَّد العربي؟ ولذلك وصفهم الله تعالى بالمُجرمين بقولِهِ عنهم في آية (200) و(201): "كَذَالِكَ سَلَكۡنَـٰهُ فِى قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ، لَا يُؤۡمِنُونَ بِهِۦ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ". 

تلك الآيات تدلنا على أنَّ القرءان كان موجودًا في كُتُب الْأَوَّلِينَ أي في كُتُب جميع الأنبياء والرُسُل السابقين، ولذلك فإنَّ التوراة والإنجيل ورسالات نوح وجميع الصُحُف والكُتُب القيِّمة الّتي أنزلها الله عز وجل في السابق على جميع أنبيائه ورُسُلِهِ نجدها موجودة في القرءان. إذًا جميع الزُبُر (الكُتُب) السابقة كانت قرءانًا. فيُصبح بذلك دين الله عز وجل وشريعته وكتابه واحد لجميع الأمم والناس.

 

سورة يس
يس ﴿١﴾ وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣﴾ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٤﴾ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿٥﴾ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴿٦﴾ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٧﴾.

"وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ":
لقد أرسل الله عز وجل الرسول محمد عليه السلام بالقرءان الحكيم لكي يُنذرَ قومًا بنفس النذير الّذي أُنذِرَ بِهِ آبَاؤُهُمْ لأنهم غافلون عنه بسبب كُفر آبَائهم بِهِ. هذا يدلنا على أنَّ النذير واحد وبالتالي دين الله عز وجل وكتابه واحد لجميع أنبيائه ورُسُلِهِ ولجميع الأمم والناس.

 

سورة القصص
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٤٦﴾ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴿٤٨﴾ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤٩﴾ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٠﴾ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٥١﴾ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٢﴾ وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴿٥٣﴾.

"وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ  لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ":
وَمَا كُنْتَ (وما كنتَ يا محمد بإرادتِكَ) بِجَانِبِ الطُّورِ (بجانب الجبل) إِذْ نَادَيْنَا (عندما ناديناك لكي نوحي إليك القرءان)، وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ (وَلَٰكِنْ نداؤنا هذا لك الغير إرادي ومن دون أن تدري أو تشعر، هو رحمةً من ربِّكَ) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (لِتُنْذِرَ يا محمد بوحي القرءان قَوْمًا بالنذير الّذي أَتَاهُمْ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ هذا النذير في رسالات وكُتُب الله السابقة الّتي أنزلها تعالى سابقًا عليهم).

هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ ما آتى الله عز وجل قوم محمد "من نذير"، هو تمامًا ما آتى تعالى جميع الأقوام السابقة من قبل محمد "من نذير"، مِمّا يدلنا على أنَّ رسالات الله وكتبه ودينه واحد لجميع الأمم والأقوام ولجميع الناس. لذلك أكمل تعالى في الآية الّتي تليها بقوله فيها: "وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"، لكي يُعلمنا أنَّه بمجرد أن أوحى للرسول محمد نفس النذير وبمجرد أن بعثه وأرسله إليهم لكي يُنذِرَهُم بِهِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، لن يُصبِح لديهم أي عُذر في الآخرة "فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ". ولكنهم للأسف لم يؤمنوا بالحق (بالقرءان أنَّهُ التوراة) لمّا جاءهم، وطلبوا من محمد (كذبًا ونفاقًا وخداعًا) أن يأتيهم بما أوتِيَ موسى (بالتوراة السابقة)، لقوله تعالى: "فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ". ولكنَّ الله عز وجل فضحهم وفضح كذِبهم ونفاقهم وخداعهم فأخبرنا عنهم أنهم كفروا بكتاب موسى الّذي آتاهُ الله تعالى لموسى من قبل عندما حرّفوهُ وأنهم كفروا به مرَّة أخرى عندما أنزله تعالى إليهم في القرءان ليُذكِّرهم بِهِ وكفروا أيضًا بالقرءان، بقوله عنهم: "أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ". وأجابهم تعالى بقوله تحدِّيًا لهم: "قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". وأكمل تعالى بقوله لمحمد: "فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ". وأكمل أيضًا بقوله لمحمد ولنا عنهم: "وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"، وأيضًا بقولِهِ عن الّذين من قبلهم: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ"، لكي يُعلِمهم ويُعلمنا أنَّ دينهم في السابق كان دين القرءان، وأنَّ التوراة هي القرءان، وأنَّ أقوامهم وأشياعهم كانوا من قبل مُسلِمين.

"قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ":
السِحران هُما التوراة والقرءان. ولقد كفروا بكِلَيْهِما.

"وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ":
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ في القرءان القول الّذي هو كتب أنبياءهم ورسلهم السابقين (وفي هذه الآية كتاب موسى) لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ما نبّأهم به أنبياءهم ورسلهم السابقين من دينهم الحق الّذي أُنزِل إلي آبائهم وأمّتهم في السابق، لأنَّ دينهم كان قد حُرِّف واستُبدِل بدينٍ آخر باطل. إذًا جميع الرسالات واحدة، ودين الله واحد لجميع الأمم والناس.

"الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ":
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ (وهم جميع الأنبياء والرُسُل والمؤمنين السابقين) مِنْ قَبْلِهِ (من قبل القرءان) هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ  (هُم بالقرءان يؤمنون) لأنهم إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ فسوف يعلمون تمام العلم أنَّهُ الحق من ربَِّهِم (أنَّ توراة موسى عليه السلام محفوظة فيه وأنَّ رسالة القرءان هي نفس رسالة التوراة). فدين القرءان هو نفس دينهم الإسلام الّذي أُنزِلَ إليهم في السابق. لذلك أكمل الله عز وجل بقوله: "وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ". هذا يدلنا على أنَّ جميع كتب الله عز وجل ورسالاته واحدة ودينه واحد لجميع الأمم والناس.

 

سورة النمل
إِنَّ هَٰذَا الْقُرْءانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٧٦﴾.

لقد اختلف بنو إسرآئيل في السابِق في التوراة بسبب تحريف أكثرها، ولذلك أنزل الله عز وجل هذا القرءان لِكَيْ "يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِىٓ إِسۡرَآءِيلَ أَڪۡثَرَ ٱلَّذِى هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ". وهذا يدلنا على أنَّ الله عز وجل قد أنزل القرءان لكي يُبيِّن لبني إسرآئيل دينهم الحق، لأنَّه يحتوي على التوراة الأُمّْ أي التوراة الأصل أي التوراة الصحيحة الّتي وحدها تستطيع أن تُبيِّن لهُم دينهم الحق وتمحو دينهم الباطِل (اختلافاتهم وتفرقهم في الدين). هذه الآية هي أكبر دليل على أنَّ هذا القرءان هو التوراة، مِمّا يُثبت بل يؤكد لنا أنَّ دين الله وشريعته وكُتبه واحدة لجميع أنبيائِهِ ورُسُلِهِ ولجميع الناس.

 

سُوۡرَةُ الاٴحقاف
قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرۡتُم بِهِۦ وَشَہِدَ شَاهِدٌ مِّنۢ بَنِىٓ إِسۡرَآءِيلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ‌ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَہۡدِى ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (١٠) وَقَالَ ٱلَّذِينَ ڪَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِ‌ۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفۡكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَـٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامًا وَرَحۡمَةً وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ مُّصَدِّقٌ  لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ (١٢).

"وشهِد شاهِدٌ من بني إسرآءيل على مِثِلِهِ فآمن":
لأنَّه شهِدَ على أنَّ التوراة مِثْل القرءان، وهذا يعني أنَّهُ شهِدَ على أنَّ التوراة هي القرءان وأنَّ القرءان صدَّقَ بالتوراة، ولذلكَ آمن بالتوراة الصحيحة الّتي حُفِظت في القرءان بلِسان القرءان، وآمن بأنَّ القرءان هو توراة رسوله موسى عليه السلام، وبالتالي آمن بالقرءان على أساس أنَّهُ "كِتابٌ مُصدِّقٌ لكتابِ موسى لِسانًا عربِيًّا"، كما قال تعالى: "وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَـٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامًا وَرَحۡمَةً وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا". إذًا فالقرءان هو كتابٌ مُصِّدق لكتاب موسى  للتوراة ولكن بلِسانٍ عربي، مِمّا يدلنا بل يؤكد لنا أنَّ هذا الكتاب القرءان هو التوراة بِلِسانٍ عربي، أي هو التوراة باللغة العربية.

لقد أراد الله عز وجل أن يُعلِمنا أنَّ الشاهِد من بني إسرآءيل الّذي شهد على كتاب موسى الّذي أنزله الله تعالى ووضعه في القرءان قد ءامن بالقرءان وشهِدَ على التوراة من القرءان. أمّا قوم الرسول محمد الّذين هم مُقرَّبين منه والّذين هم لسانهم في الأصل عربي، فقد استكبروا وكفروا به وصدّوا عنهُ فلم يؤمنوا بِهِ ولم يشهدوا على مثلِهِ أي على التوراة أنَّها القرءان بالّلغة العربية. إنَّ تلك الآيات البينات تُثبت لنا أنَّ التوراة هي القرءان والعكس صحيح. وهذا يدلنا على أنَّ رسالات الله لجميع أنبيائه ورُسُله هي واحدة وبالتالي فإنَّ دينه واحد وشريعته واحدة لجميع الأمم والناس.

 

سورة عبس
كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴿١١﴾ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴿١٢﴾ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ﴿١٣﴾ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴿١٤﴾ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴿١٥﴾ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴿١٦﴾​.

"... فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ":
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَ القرءان (بما فيه من آيات) في صُحُفٍ أي كُتُب ورسالات مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ أي بِأَيْدِي الأنبياء والرُسُل. وهذا يعني أنَّ الأنبياء والرُسُل رفعوا وطهَّروا الصُحُف أي كتبهم الموجودة في القرءان، لأنَّ القرءان ذكرهم ويُحدثنا عَنهم وعن قصصهم وعن إيمانهم وقوتهم في تبليغ رسالات الله عز وجل لقومهم ولجميع الناس. هذا يدلنا على أنَّ كل إنسان شاء أو  أراد أن يتعرَّف على دينه (دين آبائه) ويتذكّره، أو أن يتعرّف على كتابه الّذي أنزله الله عز وجل في السابق على نبِّيِّهِ أو رسولِهِ، يستطيع أن يفعل ذلك من خلال ذِكرِهِ للقرءان. هذا يدلنا على أنَّ رسالات الله لجميع أنبيائه ورُسُله هي واحدة وبالتالي فإنَّ دينه واحد وشريعته واحدة لجميع الأمم والناس.

 

سورة البينة
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿١﴾ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ﴿٢﴾ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴿٣﴾.

"حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ":
البيِّنة هي القرءان وهي الصُحُف المُطهَّرة الّتي فيها الكُتُب القيِّمة الّتي أُنزلت على جميع الأنبياء والرُسُل سابقًا. إذًا القرءان يحتوي على الصُحُف والكُتُب السابقة. هذا يدلنا على أنَّ رسالة القرءان هي نفس الرسالات السابقة والعكس صحيح، فيُصبح بذلك دين الله عز وجل وكتابه وشريعته وسنته واحدة للجميع.

 

سورة طه
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ﴿١٣٣﴾.

"وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ":
لأنّهم لم يُريدوا أن يُصدقوا أنَّ القرءان الكريم يحتوي على جميع الرسالات والصُحُف السابقة، فهو في نظرهم كتاب ليس من عند الله. لقد طلبوا من الرسول محمد أن يأتيهم بكتابٍ آخر يكون في نظرهم من عند الله يتناسب مع أهوائهم (دينهم الباطل)، لذلك أجابهم الله عز وجل بقوله لهم: "أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ"، لكي يؤكد لهم أنَّ جميع الصُحُف الأولى (السابقة) موجودة في القرءان، لذلك فهم يستطيعوا أن يأخذوا بها وأن يتعرفوا عليها من خلال القرءان نفسه، وذلك إثبات لهم من الله على مصداقية القرءان أنَّهُ من عندِهِ. هذا يدلنا على أنَّ رسالات الله لجميع أنبيائه ورُسُله هي واحدة وبالتالي فإنَّ دينه واحد وشريعته واحدة لجميع الأمم والناس.

 

سورة الأعلى
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ﴿٢﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ﴿٣﴾ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ ﴿٥﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَىٰ ﴿٦
 إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ﴿٧﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ ﴿٨﴾ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ﴿٩﴾ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَىٰ ﴿١٠﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴿١١﴾ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ ﴿١٢﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ﴿١٣﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴿١٤﴾ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ﴿١٥﴾ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿١٧﴾​ إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ﴿١٨﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ﴿١٩﴾.

"إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ":
إنَّ جميع ما ذكره الله عز وجل في سورة الأعلى كان موجودًا في صُحُف إبراهيم وموسى الأولى (السابقة). وهذا يعني أنَّ سورة الأعلى كانت موجودة في صُحُف إبراهيم وموسى. إذًا نحن عندما نقرأ سورة الأعلى في القرءان نكون كأننا نقرأها في صُحُف إبراهيم وموسى، ونكون كأننا نقرأ صُحُف إبراهيم وموسى بدلاً ونيابةً عن القرءان. هذا يدلنا على أنَّ ما وضعه الله عز وجل من آيات في القرءان وما قاله فيه، هو تمامًا نفس ما وضعهُ وما قاله في صُحُف إبراهيم وموسىى، مثالاً على ذلك سورة الأعلى، مِمّا يُعطينا دليلاً قاطعًا على أنَّ صُحُف إبراهيم وموسى هي القرءان والعكس صحيح، وعلى أنَّ رسالاته وكتبه واحدة لجميع أنبيائه ورُسُله، وكذلك دينه واحد للجميع.

 

سورة النجم
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ ﴿٣٣﴾ وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ ﴿٣٤﴾ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ ﴿٣٥﴾ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ﴿٣٦﴾ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ﴿٣٧﴾ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴿٣٨﴾ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴿٤١﴾ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنْتَهَىٰ ﴿٤٢﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ ﴿٤٣﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴿٤٤﴾ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ ﴿٤٥﴾ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ ﴿٤٦﴾ وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ ﴿٤٧﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ ﴿٤٨﴾ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ ﴿٤٩﴾ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَىٰ ﴿٥٠﴾ وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ ﴿٥١﴾ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ ﴿٥٢﴾  وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ ﴿٥٣﴾ فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ ﴿٥٤﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ ﴿٥٥﴾
 هَٰذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ ﴿٥٦﴾.

إذا نظرنا جيّدًا في جميع تلك الآيات البينات، وتدبرناها من آية (36) إلى (56)، نجد أنفسنا نقرأ وبكل وضوح ما أوحاه الله عز وجل من صحف إبراهيم وموسى الّتي أُنزِلت عليهما في السابق. 

والآن سوف أتلو عليكم تلك الآيات مباشرةً من صحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام) ولكن باللغة العربية، تلك الصُحُف تُخبرنا ما يلي:

"أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰوَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنْتَهَىٰ. وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰوَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَاوَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ، وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰوَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰوَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰوَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَىٰ، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ"

إنَّ جميع تلك الآيات من صُحُف إبراهيم وموسى نجدها في القرءان في سورة النجم. ونستطيع أن نجدها أيضًا في سُوَر أُخرى كثيرة من سُور القرءان. إذًا فإنَّ صُحُف إبراهيم وموسى هي أيضًا قُرءان، والقرءان هو صُحُف إبراهيم وموسى، وإنَّ تلك الآيات تدلنا على أنَّ ما أوحاهُ الله عز وجل في السابق لإبراهيم وموسى أوحاه لاحقًا لمحمد تمامًا كما أوحاه لإبراهيم وموسى. وهذا يدلنا أيضًا على أمر في غاية الأهمية، وهو أنَّ ما أوحاهُ الله عز وجل من آيات في صُحُف إبراهيم وموسى حفظه وصدَّق به وائتمن عليه في سورة النجم، ولقد بيَّن لنا هذا الأمر من خلالها. تلك الآيات تُعطينا دليلاً قاطعًا على أنَّ القرءان حفظ صُحُف الأنبياء والرُسُل، وعلى أنَّ دين الله عز وجل وشريعته واحدة لجميع الأمم والناس.

"هَٰذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ":
هذا يعني أنَّ ما أنذرنا الله عز وجل بِهِ من عذاب في آيات كثيرة من آيات القرءان وفي تلك الآيات من سورة النجم بقوله فيها "وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَىٰ، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَىٰ، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ"، هو تمامًا  نفس ما أنذر بِهِ جميع الأمم السابقة في آياته السابقة الّتي أوحاها إليهم ووضعها في جميع كُتُبِهِ ورسالاته الأولى الّتي أنزلها على جميع أنبيائه ورُسُلِهِ السابقين. إذًا قانون الله ودينه وأمره وقضاءه وشريعته وسنته واحدة للجميع.

 

المقطع الثاني:

إنَّ أكثر المسلمين يعتقدون أنَّ رسالات الله السابقة هي كُتُب محدودة وأنَّ القرءان الكريم يُكمِّل التوراة والإنجيل وجميع الرسالات. لقد أخطؤوا خطئًا فادحًا في هذا الاعتقاد، لأنهم لا يعلمون أنَّ التوراة والإنجيل وجميع رسالات الله عز وجل هي في الحقيقة جزءٌ لا يتجزّأ من القرءان، بل هي القرءان نفسه لأنه نفس الرسالة ونفس الدين. وكذلك يقولون بأنَّ الله عز وجل أمرنا أن نكون مسلمين أي أن نتبع محمدًا عليه السلام بحجة أنه هو أوَّل من جاء بدين الإسلام. ولكنهم لا يعلمون بأنَّ دين الإسلام هو ليس فقط دين محمد، ولكنه أيضًا دين جميع الأنبياء والرُسُل، ولذلك علينا اتباعهم جميعًا من دون أن نُفرِّقَ بينهم.
 

والدليل على أنَّ دين الإسلام هو دينٌ واحد أنزله الله عز وجل لجميع الأنبياء والرُسُل وجميع الأمم والناس. وأنَّهُ ليس فقط دين محمد ولكنه دين جميع أنبياء ورُسُل الله ودين جميع الأمم السابقة واللاحقة. وأنَّ محمدًا ليس أوَّل من أتى بدين الإسلام، نجده في الآيات التالية:

سُوۡرَةُ آل عِمرَان
إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُ‌ۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡ‌ۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ (١٩) فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِىَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ‌ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡأُمِّيِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡ‌ۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْ‌ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَـٰغُ‌ۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ (٢٠).

سُوۡرَةُ آل عِمرَان
قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡمَـٰعِيلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٍ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُ مُسۡلِمُونَ (٨٤) وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِى ٱلۡأَخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِينَ (٨٥).

سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَاهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَـٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآ‌ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسۡلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآ‌ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ (١٢٨).

سُوۡرَةُ البَقَرَة
وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَاهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُ ۥ‌ۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَـٰهُ فِى ٱلدُّنۡيَا‌ۖ وَإِنَّهۥ فِى ٱلۡأَخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ (١٣٠) إِذۡ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسۡلِمۡ‌ۖ قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١٣١) وَوَصَّىٰ بِہَآ إِبۡرَاهِـۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَـٰبَنِىَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ (١٣٢) أَمۡ كُنتُمۡ شُہَدَآءَ إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِى قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَآٮِٕكَ إِبۡرَاهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِيلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهًا  وَاحِدًا وَنَحۡنُ لَهۥ مُسۡلِمُونَ (١٣٣).

سُوۡرَةُ الاٴنعَام
قُلۡ إِنَّنِى هَدَٮٰنِى رَبِّىٓ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبۡرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (١٦١) قُلۡ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحۡيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ ۥ‌ۖ وَبِذَالِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۟ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (١٦٣).

سُوۡرَةُ آل عِمرَان 
مَا كَانَ إِبۡرَاهِيمُ يَہُودِيًّا وَلَا نَصۡرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسۡلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (٦٧).

سُوۡرَةُ یُوسُف
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيۡهِ أَبَوَيۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا‌ۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَـٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَـٰىَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّا وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِىٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِى مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَـٰنُ بَيۡنِى وَبَيۡنَ إِخۡوَتِىٓ‌ۚ إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ‌ۚ إِنَّهُ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ (١٠٠) رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِى مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِى مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِ‌ۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِىِّۦ فِى ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأَخِرَةِ‌ۖ تَوَفَّنِى مُسۡلِمًا وَأَلۡحِقۡنِى بِٱلصَّـٰلِحِينَ (١٠١).

سُوۡرَةُ الاٴعرَاف
وَأُلۡقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِينَ (١٢٠) قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ (١٢٢) قَالَ فِرۡعَوۡنُ ءَامَنتُم بِهِۦ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡ‌ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكۡرٌ مَّكَرۡتُمُوهُ فِى ٱلۡمَدِينَةِ لِتُخۡرِجُواْ مِنۡہَآ أَهۡلَهَا‌ۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَـٰفٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِينَ (١٢٤) قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (١٢٥) وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِـَٔايَـٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتۡنَا‌ۚ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرًا وَتَوَفَّنَا مُسۡلِمِينَ (١٢٦).

سُوۡرَةُ یُونس
وَٱتۡلُ عَلَيۡہِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ يَـٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكُم مَّقَامِى وَتَذۡكِيرِى بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَڪَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوٓاْ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَيۡكُمۡ غُمَّةً ثُمَّ ٱقۡضُوٓاْ إِلَىَّ وَلَا تُنظِرُونِ (٧١) فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَمَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٍ‌ۖ إِنۡ أَجۡرِىَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ‌ۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (٧٢).

سُوۡرَةُ یُونس
وَقَالَ مُوسَىٰ يَـٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيۡهِ تَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِينَ (٨٤) فَقَالُواْ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَا رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةً لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٨٥).

سُوۡرَةُ الحَجّ
وَجَـٰهِدُواْ فِى ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦ‌ۚ هُوَ ٱجۡتَبَٮٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِى ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَاهِيمَ‌ۚ هُوَ سَمَّٮٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِى هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُہَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ‌ۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَٮٰكُمۡ‌ۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ (٧٨).

سُوۡرَةُ الاٴنبیَاء
قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُڪُمۡ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ (١٠٨).

سُوۡرَةُ النَّمل
قَالَتۡ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡمَلَؤُاْ إِنِّىٓ أُلۡقِىَ إِلَىَّ كِتَـٰبٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِن سُلَيۡمَـٰنَ وَإِنَّهُ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَىَّ وَأۡتُونِى مُسۡلِمِينَ (٣١).

سُوۡرَةُ النَّمل
قَالَ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِى بِعَرۡشِہَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِى مُسۡلِمِينَ (٣٨) ... (٤١) فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَـٰكَذَا عَرۡشُكِ‌ۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُ هُوَ‌ۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ (٤٢) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ‌ۖ إِنَّہَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٍ كَـٰفِرِينَ (٤٣). 

سُوۡرَةُ النَّمل
إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَـٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِى حَرَّمَهَا وَلَهُ ڪُلُّ شَىۡءٍ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (٩١) وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَ‌ۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَہۡتَدِى لِنَفۡسِهِۦ‌ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۟ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ (٩٢).

سُوۡرَةُ القَصَص
وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡہِمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦۤ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلِهِۦ مُسۡلِمِينَ (٥٣).

سُوۡرَةُ الذّاریَات
قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّہَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ (٣١) قَالُوٓاْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمٍ مُّجۡرِمِينَ (٣٢) لِنُرۡسِلَ عَلَيۡہِمۡ حِجَارَةً مِّن طِينٍ (٣٣) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ (٣٤) فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِيہَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدۡنَا فِيہَا غَيۡرَ بَيۡتٍ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (٣٦).

سُوۡرَةُ فُصّلَت
وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (٣٣).

سُوۡرَةُ الزّخرُف
يَـٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ (٦٨) ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـَٔايَـٰتِنَا وَڪَانُواْ مُسۡلِمِينَ (٦٩) ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ أَنتُمۡ وَأَزۡوَاجُكُمۡ تُحۡبَرُونَ (٧٠).

سُوۡرَةُ الاٴحقاف
وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَالِدَيۡهِ إِحۡسَـٰنًا‌ۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُ كُرۡهًا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهًا وَحَمۡلُهُ وَفِصَـٰلُهُ ثَلَـٰثُونَ شَہۡرًا‌ۚ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرۡبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِىٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَالِدَىَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحًا تَرۡضَٮٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِى فِى ذُرِّيَّتِىٓ‌ۖ إِنِّى تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَإِنِّى مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (١٥).

سورة المائدة
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴿١١١﴾.

 

المقطع الثالث:

وكذلك إنَّ أكثر المسلمين لا يعلمون بأن عدم اتباعنا للتوراة والإنجيل وجميع كتب الله السابقة الّتي حُفِظت في القرءان يؤدي بنا إلى عدم اتباعنا للقرءان نفسه والكُفر بِهِ. فنحن لا نستطيع مثلاً أن نؤمن بأنَّ القرءان هو فقط رسالة محمد. وإذا لم نؤمن أنَّ التوراة والإنجيل والكُتُب السابقة قد حُفِظت في القرءان، نكون قد آمنّا بجزءٍ من القرءان وكفرنا بجزء، فنكون بذلك قد كفرنا بالقرءانِ كُلِّهِ، ويكون بذلك إيماننا ناقصًا ونقع في الكُفر والضلالة. فنحنُ إذا طبَّقنا بعض القرءان ولم نُطبِّق البعض الآخر نكون لا نُطبِّق القرءان بأكمله وبالتالي نكون لا نُطبق القرءان، فنصبح بذلك كأننا في حُكم ما قاله تعالى في الآيات التالية:

سورة البقرة
... أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٨٥﴾.

سورة النساء
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ﴿١٥٠﴾ أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴿١٥١﴾.​

 

المقطع الرابع:

إنَّ رسالات نوح هي جزءٌ لا يتجزّأ من القرءان، وكذلك الأمر بالنسبة لصُحُف إبراهيم وكتاب موسى (التوراة) وكتاب عيسى (الإنجيل) ورسالة محمد (القرءان). فمثلاً عندما نقرأ في القرءان قصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل، نكون بذلك نقرأ رسالة موسى. وعندما نقرأ في القرءان قصة عيسى ابن مريم وأمه مع الحواريين وبني إسرائيل، نكون نقرأ رسالة عيسى. وعندما نقرأ في القرءان قصة محمد والأحداث الّتي حصلت مع قومه ومع أهل الكتاب، نكون نقرأ رسالة محمد. وعندما نقرأ رسالات جميع الأنبياء والرُسُل في القرءان نكون نقرأ القرءان. مع التذكير بأنَّ رسالة نوح = رسالة إبراهيم = رسالة موسى = رسالة عيسى = رسالة محمد = جميع الرسالات السابقة. فكما ذكرتُ لكم سابقًا فإنَّ دين الله عز وجل وشريعته وقانونه واحد لجميع أنبيائه ورُسُلِهِ، وما أوحاهُ الله عز وجل لمحمد أوحاهُ أيضًا لجميع ألأنبياء والرُسُل السابقين. ونحنُ إذا سلَّمنا بوجود الناسخ والمنسوخ وآمنّا بما يقولون بأنَّ ((شريعة الإسلام جاءت ناسخة لما سبقها من الشرائع ومهيمنة عليها)) وبأنَّ ((القرءان نسخ الرسالات السابقة)) فنحنُ نكون بذلك ننسخ القرءان. ونحنُ إذا سلَّمنا بوجود الناسخ والمنسوخ وآمنّا بأنَّ الله عز وجل حاشآه قد نسخ آيات في القرءان وأبطل حكمها، فنحن نكون بذلك لا ننسخ ونُبطِل فقط القرءان ولكننا نكون ننسخ ونُبطِل جميع الكُتُب السابقة الّتي حُفِظت في القرءان، وبالتالي جميع رسالات الله.

 

تكملة هذا الموضوع تجدونها في الجزء الثالث على هذا الرابط بعنوان: ما هو مفهوم النسخ في القرءان الكريم، وهل يوجد ناسخ ومنسوخ؟ (3).

هذا الموضوع تجدونه أيضًا على هذا الرابط في: برنامج الهدف، حلقة رقم ٥٩، بعنوان: مناظرة في القرءان.

 

والسلام عليكم

33 Aug 09, 2016